الكافرين، وكذلك كان ﷺ يفعل، ونحن دائمًا في المناسبات نذكر من ذلك أمثلة.
منها: أنه ﷺ لما تظاهر عليه كفار مكة وهاجر عنهم ودخل هو وصاحبه الغار كما حكى الله عنهما في قوله: ﴿إلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَينِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة / ٤٥] وجد خبيرًا كافرًا له خبرة بالطريق ومعرفة بالأرض، وهو عبد الله بن الأُرَيقط الدؤلي فانتفع ﷺ بخبرة هذا الخبير الكافر وكان دليله حتى أوصله المدينة بسلام، ولم يمنعه كفره أن ينتفع بخبرته الدنيوية.
ومنها: أنه ﷺ لما حاصره وأصحابه الأحزابُ ذلك الحصار العسكري التاريخي المشهور المنصوص في سورة الأحزاب بقوله: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب / ١٠ - ١١] وقال له سلمان: كنا إذا خضنا خَنْدَقْنا (^١) أخذ تلك الخطة العسكرية فانتفع بها، ولم يمنعه من ذلك أن أصلها من المجوس الكفرة.
ومنها: أنه ﷺ يمنع الغيلة التي هي وطء المرضع، لأن العرب كانوا يظنون أنها تضر بالولد وتضعف عظمه كما قال شاعرهم:
فوارس لم يُغالوا في رضاع ... فثبتوا في أكفهم السيوف