93

Tārīkh al-Ṭabarī = Tārīkh al-rusul wa-l-mulūk, wa-ṣilat Tārīkh al-Ṭabarī

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]

Publisher

دار المعارف بمصر

Edition

الثانية ١٣٨٧ هـ

Publication Year

١٩٦٧ م

Genres

فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ»، وَالصّغَارُ الذُّلُّ.
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَلَمَّا نَفَخَ اللَّهُ ﷿ فِيهِ- يَعْنِي فِي آدَمَ- مِنْ رُوحِهِ أَتَتِ النَّفْخَةُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَجَعَلَ لا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَسَدِهِ إِلا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا، فَلَمَّا انْتَهَتِ النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّتِهِ نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ حُسْنِهِ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، فَهُوَ قَوْلُ الله ﷿ «خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ»، قَالَ: ضَجِرًا لا صَبْرَ لَهُ عَلَى سَرَّاءٍ وَلا ضَرَّاءٍ، قَالَ: فَلَمَّا تَمَّتِ النَّفْخَةُ فِي جَسَدِهِ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، بِإِلْهَامِ اللَّهِ، فَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ خَاصَّةً دُونَ الْمَلائِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَوَاتُ: اسْجُدُوا لآدَمَ، فَسَجَدُوا كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ، لِمَا كَانَ حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ كبره واغتراره، فقال: لا اسجد، وَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْبَرُ سِنًّا، وَأَقْوَى خَلْقًا، «خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ*»، يَقُولُ: إِنَّ النَّارَ أَقْوَى مِنَ الطِّينِ، قَالَ: فَلَمَّا أَبَى إِبْلِيسُ أَنْ يَسْجُدَ أَبْلَسَهُ اللَّهُ تعالى، أيأسه مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا عُقُوبَةً لِمَعْصِيَتِهِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
فَيُقَالُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ-: إِنَّهُ لَمَّا انْتَهَى الرُّوحُ إِلَى رَأْسِهِ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ رَبُّكَ، وَوَقَعَتِ الْمَلائِكَةُ حِينَ اسْتَوَى سُجُودًا لَهُ، حِفْظًا لِعَهْدِ اللَّهِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهِمْ، وَطَاعَةً لأَمْرِهِ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِهِ، وَقَامَ عدو الله ابليس من بينهم، فلم يسجد متكبرا متعظما بغيا وحسدا، فقال:
«يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ» إِلَى قَوْلِهِ: «لَأَمْلَأَنَ

1 / 95