The History of al-Tabari

Al-Tabari d. 310 AH
27

The History of al-Tabari

تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري

Investigator

محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]

Publisher

دار المعارف بمصر

Edition Number

الثانية ١٣٨٧ هـ

Publication Year

١٩٦٧ م

Genres

وأدل الدلائل- لمن فكر بعقل، واعتبر بفهم- على قدم بارئها، وحدوث كل ما جانسها، وأن لها خالقا لا يشبهها. وذلك أن كل ما ذكر ربنا ﵎ في هذه الآية من الجبال والأرض والإبل فإن ابن آدم يعالجه ويدبره بتحويل وتصريف وحفر ونحت وهدم، غير ممتنع عليه شيء من ذلك ثم إن ابن آدم مع ذلك غير قادر على إيجاد شيء من ذلك من غير أصل، فمعلوم أن العاجز عن إيجاد ذلك لم يحدث نفسه، وأن الذي هو غير ممتنع ممن أراد تصريفه وتقليبه لم يوجده من هو مثله، ولا هو أوجد نفسه، وأن الذي أنشأه وأوجد عينه هو الذي لا يعجزه شيء أراده، ولا يمتنع عليه إحداث شيء شاء إحداثه، وهُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ. فإن قال قائل: فما تنكر أن تكون الأشياء التي ذكرت من فعل قديمين؟ قيل: أنكرنا ذلك لوجودنا اتصال التدبير وتمام الخلق، فقلنا: لو كان المدبر اثنين، لم يخلوا من اتفاق أو اختلاف، فإن كانا متفقين فمعناهما واحد، وإنما جعل الواحد اثنين من قال بالاثنين وإن كانا مختلفين كان محالا وجود الخلق على التمام والتدبير على الاتصال، لأن المختلفين، فعل كل واحد منهما خلاف فعل صاحبه، بأن أحدهما إذا أحيا أمات الآخر، وإذا أوجد أحدهما أفنى الآخر، فكان محالا وجود شيء من الخلق على ما وجد عليه من التمام والاتصال. وفي قول الله ﷿ ذكره: «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ»، وقوله ﷿: «مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ»

1 / 29