The History of al-Tabari
تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري
Investigator
محمد أبو الفضل إبراهيم [ت ١٩٨٠ م]
Publisher
دار المعارف بمصر
Edition Number
الثانية ١٣٨٧ هـ
Publication Year
١٩٦٧ م
Genres
وَرَأَى آدَمُ فِيهِمُ الزِّنَا وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَالْفَسَادَ، فَأَوْصَى أَلا يُنَاكِحُ بَنُو شِيثٍ بَنِي قَابِيلَ، فَجَعَلَ بَنُو شِيثٍ آدَمَ فِي مَغَارَةٍ، وَجَعَلُوا عَلَيْهِ حَافِظًا، لا يَقْرُبُهُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي قابيل، وَكَانَ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ مِنْ بَنِي شِيثٍ، فَقَالَ مِائَةٌ مِنْ بَنِي شِيثٍ صَبَاحٍ: لَوْ نَظَرْنَا إِلَى مَا فَعَلَ بَنُو عَمِّنَا! يَعْنُونَ بَنِي قَابِيلَ.
فَهَبَطَتِ الْمِائَةُ إِلَى نِسَاءِ صَبَاحٍ مِنْ بَنِي قَابِيلَ، فَاحْتَبَسَ النِّسَاءُ الرِّجَالَ، ثُمَّ مَكَثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ مِائَةٌ آخَرُونَ: لَوْ نَظَرْنَا مَا فَعَلَ إِخْوَتُنَا! فَهَبَطُوا مِنَ الْجَبَلِ إِلَيْهِمْ، فَاحْتَبَسَهَمُ النِّسَاءُ ثُمَّ هَبَطَ بَنُو شِيثَ كُلُّهُمْ، فَجَاءَتِ الْمَعْصِيَةُ، وَتَنَاكَحُوا واختلطوا، وكثر بنو قابيل حتى ملئوا الأَرْضَ، وَهُمُ الَّذِينَ غَرَقُوا أَيَّامَ نُوحٍ.
وَأَمَّا نَسَّابُو الْفُرْسِ فَقَدْ ذَكَرْتُ مَا قَالُوا فِي مهلائِيلَ بْنِ قينانَ، وَأَنَّهُ هُوَ أوشهنجَ الَّذِي مَلَكَ الأَقَالِيمَ السَّبْعَةَ، وَبَيَّنْتُ قَوْلَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ نَسَّابِي الْعَرَبِ.
فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ فِيهِ كَالَّذِي قَالَهُ نَسَّابُو الْفُرْسِ، فَإِنَّيِ حدثت عن هشام ابن مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ مَنْ قَطَعَ الشَّجَرَ، وَبَنَى الْبِنَاءَ، وَأَوَّلُ مَنِ اسْتَخْرَجَ الْمَعَادِنَ وَفَطَنَ النَّاسُ لَهَا، وَأَمَرَ أَهْلَ زَمَانِهِ بِاتِّخَاذِ الْمَسَاجِدَ، وَبَنَى مَدِينَتَيْنِ كَانَتَا أَوَّلَ مَا بُنِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنَ الْمَدَائِنِ، وَهُمَا مَدِينَةُ بَابِلَ الَّتِي بِسَوَادِ الْكُوفَةِ، وَمَدِينَةُ السُّوسِ وَكَانَ مُلْكُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: هُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَنْبَطَ الْحَدِيدَ فِي مُلْكِهِ، فَاتَّخَذَ مِنْهُ الأَدَوَاتَ لِلصِّنَاعَاتِ، وَقَدَّرَ الْمِيَاهَ فِي مَوَاضِعِ الْمَنَاقِعِ، وَحَضَّ النَّاسَ عَلَى الْحِرَاثَةِ وَالزِّرَاعَة وَالْحَصَادِ وَاعْتِمَالِ الأَعْمَالِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ السِّبَاعِ الضَّارِيَةِ، وَاتِّخَاذِ الْمَلابِسِ
1 / 168