Al-Luʾluʾ al-maknūn fī sīrat al-nabī al-maʾmūn
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
Publisher
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Publisher Location
الكويت
Genres
فَخَلَّى سَبِيلَهُ، وخَرَجَ بِهِ مَعَهُ يَدُلُّهُ، حتَّى إذَا مَرَّ بالطَّائِفِ خَرَجَ إِلَيْهِ مَسْعُودُ بنُ مُعَتِّبٍ الثَّقَفِيُّ فِي رِجَالٍ مِنْ ثَقِيفٍ، فَقَالُوا لَهُ: أيُّهَا المَلِكُ، إِنَّمَا نَحْنُ عَبِيدُكَ سَامِعُونَ لَكَ مُطِيعُونَ، لَيْسَ عِنْدَنَا لَكَ خِلَافٌ، ولَيْسَ بَيْتُنَا هَذَا البَيْتَ الذِي تُرِيدُ -يَعْنُونَ اللَّاتَ، وهُوَ بَيْتٌ لَهُمْ بِالطَّائِفِ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ نَحْوَ تَعْظِيمِ الكَعْبَةِ-، إِنَّمَا تُرِيدُ البَيْتَ الذِي بِمَكَّةَ، ونَحْنُ نَبْعَثُ مَعَكَ مَنْ يَدُلُّكَ عَلَيْهِ، فَتَجَاوَزَ عَنْهُمْ، فَبَعَثُوا مَعَهُ رَجُلًا هُوَ أَبُو رِغَالٍ يَدُلُّهُ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَى مَكَّة، فَخَرَجَ أبْرَهَةُ، ومَعَهُ الدَّلِيلُ حَتَّى أنْزَلَهُ المُغَمَّسَ (١)، وهُنَاكَ أمَرَ أبْرَهَةُ أصْحَابَهُ بالغَارَةِ عَلَى نَعَمِ النَّاسِ، فبَعَثَ رَجُلًا مِنَ الحَبَشَةِ يُقَالُ لَهُ (الأَسْوَدُ بنُ مَقْصُودٍ) عَلَى خَيْلٍ لَهُ، حَتَّى انْتَهَتْ إِلَى مَكَّةَ، فَسَاقَ إِلَيْهِ أَمْوَالَ قُرَيْشٍ، وغَيْرَهُمْ، فأَصَابَ مِائَتَيْ بَعِيرٍ لِعَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هَاشِمٍ جَدِّ النَّبِيِّ ﷺ، وهُوَ يَوْمَئِذٍ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وسَيِّدُهَا، فَهَمَّتْ قُرَيْشٌ، وكِنَانَةُ، وهُذَيْلٌ، ومَنْ كَانَ بِذَلِكَ الحَرَمِ بِقِتَالِهِ، ثُمَّ عَرَفُوا أنَّهُمْ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ.
وبَعَثَ أبْرَهَةُ (حُنَاطَةَ الحِمْيَرِيَّ) إِلَى مَكَّةَ، وقَالَ لَهُ: سَلْ عَنْ سَيِّدِ أهْلِ هذَا البَلَدِ وشَرِيفِهَا، ثُمَّ قُلْ لَهُ: إِنَّ المَلِكَ يَقُولُ لَكَ: إنِّي لَمْ آتِ لِحَرْبِكُمْ، إِنَّمَا جِئْتُ لِهَدْمِ هَذَا البَيْتِ، فَإنْ لَمْ تَعْرِضُوا لَنَا دُونَهُ بِحَرْبٍ، فَلَا حَاجَةَ لِي فِي دِمَائِكُمْ، فَإنْ هو لَمْ يُرِدْ حَرْبِي فَأْتِنِي بِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ (حُنَاطَةُ) مَكَّةَ، واجْتَمَعَ بِعَبْدِ المُطَّلِبِ أخْبَرَهُ بِمَا أمَرَهُ بِهِ أبْرَهَةُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ المُطَّلِبِ: واللَّهِ مَا نُرِيدُ
(١) المُغَمَّسُ: مَوضِعٌ قُربَ مكَّةَ، في طَريقِ الطَّائِفِ. انظر معجم البلدان (٥/ ١٨٨).
1 / 58