48

Al-Luʾluʾ al-maknūn fī sīrat al-nabī al-maʾmūn

اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون

Publisher

المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Publisher Location

الكويت

Genres

قَبْلَهُ لِقَوْمِهِمْ مِنْ أمْرِهِمْ، وكَانَ عَبْدُ المُطَّلِبِ جَسِيمًا أبْيَضَ، وَسِيمًا طِوَالًا فَصِيحًا، مَا رَآهُ أَحَدٌ قَطُّ إلَّا أَحَبَّهُ، وَشَرُفَ في قَوْمِهِ شَرَفًا لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ، وأحَبَّهُ قَوْمُهُ، وعَظُمَ خَطَرُهُ فَيهِمْ حَتَّى عُرِفَ بَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ: "بِشَيْبَةَ الحَمْدِ" لِكَثْرَةِ حَمْدِ النَّاسِ إيَّاهُ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: "الفَيَّاضُ" لِجُودِهِ، ويُقَالُ لَهُ: "مُطْعِمُ طَيْرِ السَّمَاءِ"؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ مِنْ مَائِدَتِهِ لِلطَّيْرِ والوُحُوشِ عَلَى رُؤُوسِ الجِبَالِ.
ومِمَّا يَدُلُّ عَلَى شُهْرَةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بِالكَرَمِ مَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ والطَّحَاوِيُّ في شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ ﵁ قَالَ: جَاءَ حُصَيْنٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَقَالَ: يا مُحَمَّدُ، كَانَ عَبْدُ المُطَّلِبِ خَيْرًا لِقَوْمِهِ مِنْكَ: كَانَ يُطْعِمُهُمُ الكَبِدَ والسَّنَامَ. . . (١).
هذَا ولَمْ يَكُنْ عَبْدُ المُطَّلِبِ عَظِيمًا عِنْدَ قُرَيْشٍ فَحَسْبُ وَإِنَّمَا كَانَ عَظِيمًا كَذَلِكَ في جَمِيعِ أنْحَاءِ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ، فَقَدْ رُوِيَ أنَّهُ ذَهَبَ إِلَى اليَمَنِ مُهَنِّئًا بِالمُلْكِ عِنْدَمَا تَوَلَّى مَعْدِيكَرِبَ سَيْفُ بنُ ذِي يَزَنٍ عَرْشَ اليَمَنِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ كَانَ ذُو مَكَانَةٍ عِنْدَ مُلُوكِ العَرَبِ كَمَا يَدُلُّ في الوَقْتِ نَفْسِهِ عَلَى مَكَانَتِهِ عِنْدَ قُرَيْشٍ حتَّى أنَّهُ كَانَ رَئِيسًا لِوَفْدِهَا فِي هَذِهِ المُهِمَّاتِ العَظِيمَةِ (٢).
* * *

(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (١٩٩٩٢) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (٢٥٢٥) - وأورده الحافظ في الإصابة (٢/ ٧٦) وصحح إسناده.
(٢) انظر شرح المواهب (١/ ٢٧١).

1 / 51