Al-Luʾluʾ al-maknūn fī sīrat al-nabī al-maʾmūn
اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون
Publisher
المكتبة العامرية للإعلان والطباعة والنشر والتوزيع
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
Publisher Location
الكويت
Genres
جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا.
ثَانِيهَا: مَا كَانَ يُلْقِيهِ الْمَلَكُ في رُوعِهِ وقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَاهُ، فعَنْ ابنِ مسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: ". . . إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ، نَفَثَ في رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ عَلَى أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ لَا يُنَالُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ" (١).
ثَالِثُهَا: أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَتَمَثَّلُ لَهُ المَلَكُ رَجُلًا، فيُخَاطِبُهُ حتَّى يَعِي عَنْهُ ما يَقُولُ لهُ، وفِي هذ المَرْتَبَةِ كَانَ يَرَاهُ الصَّحَابَةُ أحْيَانًا (٢).
رَابِعُهَا: أَنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ في مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وكَانَ أشَدُّهُ عَلَيْهِ، فيَتَلَبَّسُ بِهِ المَلَكُ حتَّى إِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ (٣) عَرَقًا في اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، وحتَّى إِنَّ نَاقَتَهُ لَتَبْرُكُ بِهِ إِلَى الأَرْضِ إِذَا كَانَ رَاكِبَهَا، ولَقَدْ جَاءَهُ ﷺ الوَحْيُ كَذَلِكَ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ حَتَّى كَادَتْ تَرُضُّهَا (٤).
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب البيوع - باب إن اللَّه لا يُنالُ فَضْلُهُ بمَعْصِيَةٍ - رقم الحديث (٢١٨١) - وأبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢٦) - وهو حديث صحيح بشواهده.
(٢) انظر حديث عمر ﵁ في: صحيح مسلم - كتاب الإيمان - باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان - رقم الحديث (٨)، وفيه أن النبي ﷺ قال: "يا عُمَرُ أتدرِي مَنِ السَّائِلُ؟ " قلتُ: اللَّهُ ورسوله أعلمُ، قال: "فَإِنَّهُ جبريلُ أتَاكُمْ يُعَلِّمكمْ دِينكُمْ".
(٣) يتفصَّدُ: أي يسيلُ. انظر النهاية (٣/ ٤٠٣).
(٤) قال الحافظ في الفتح (٩/ ١٣٨): تَرَضُّهَا: أي تَدُقُّهَا.
1 / 187