171

The Hereafter - Omar Abdelkafy

الدار الآخرة - عمر عبد الكافي

Genres

علة عدم سماعنا لعذاب القبر تحدثنا سابقًا عن علامات الساعة الصغرى، وعلامات الساعة الكبرى، وقلنا قبلها كلامًا عن القبر وما فيه، وموجبات عذاب القبر، والمنجيات منه. اليوم -إن شاء الله- حديثنا عن قضية هامة، وهي قضية البعث، فقد مات الناس وأقبروا -أي: داخلوا القبور- وهي في ظاهرها أحجار وتراب، لكن في داخلها إما نعيم أو عذاب، ومن رحمة الله -كما أسلفنا- أنه لا يسمعنا صوت المعذبين في القبور، وعلى قدر فهمي الضعيف الضئيل، أنه ربما كان ذلك لحكمتين، والحكم كثيرة لكن أفهم منها علتين: العلة الأولى: ألا يعير الناس بعضهم بعضًا بما يعذب به أهلوهم في القبور. نفرض أن شخصًا رفعت أنا عليه قضية في المحكمة، ويعذب أبوه في قبره لأجل حرام كان ارتكبه، فأعيره بعذاب أبيه في القبر، وهذه ستكون مصيبة علي أولًا؛ لأن من عير أخاه بذنب صنعه لن يموت إلا وقد ارتكب هذا الذنب، ولذلك عندما تسمع عن شخص أنه يرتكب ذنبًا معينًا فاسأل الله العفو والعافية، وقل: يا رب عافنا وإياه، وهكذا المؤمن. إذًا: فهذه هي العلة الأولى. والله أعلم. العلة الثانية: لو سمعنا عذاب أهل القبور لكانت عبادتنا لله رهبة لا رغبة. يعني: أنا عند أن أسمع العذاب تكون عبادتي لله عبادة خوف، مع أن الله ﷿ يريد أن تكون عبادتنا له عبادة حب؛ لأنه هو الغفور الودود، ينادي بعدما تثور عليك الأرض قائلة: يا رب! هذا الرجل أكل من رزقك ولم يشكرك، والجبل يقول: يا رب! هذا يأكل من رزقك ولم يشكرك، اجعلني أضمه أضيعه أميل فوقه، والسماء تقول: دعني يا رب! أنزل عليه غضبًا؛ لأنه لا يشكرك، والبحر يقول: دعني أغرقه، فماذا يقول الرحمن الرحيم الذي يريدنا أن نعبده على حب؟ أأنتم خلقتموه؟ يقولون: لا يا ربنا، ويقول: لو خلقتموه لرحمتموه، دعوني وعبادي، من تاب إلي منهم فأنا حبيبهم، ومن لم يتب فإني طبيبهم، وأنا لهم أرحم من الأم بأولادها.

9 / 4