The Guide and the Guided
الهادي والمهتدي
Publisher
(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٥ م
Genres
شاهرًا سيفه، راكبًا على راحلته إلى ذي القَصَّة (١)، فجاء علي بن أبي طالب ﵁، فأخذ بزمام راحلته، فقال: إلى أين يا خليفة رسول الله ﷺ؟ !، أقول لك ما قال لك رسول الله ﷺ يوم أحد: «أشمر سيفك، ولا تفجعنا بنفسك» فو الله لئن أُصِبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدًا، فرجع وأمضى الجيش (٢)، وأمر أسامة بن زيد أن يَنفذ في جيشه، وسأله أن يترك له عمر ﵁ يستعين به على أمره، فقال: فما تقول في نفسك؟ (٣)، فقال: يا ابن أخي! فعل الناس ما ترى فدع لي عمر، وأنفذ لوجهك، فخرج أسامة ﵁ بالناس وشيّعه أبو بكر ﵁ فقال له: ما أنا بموصيك بشيء، ولا آمرك به، وإنما آمرك ما أمرك به رسول الله، وامض حيث ولاك رسول الله.
نفَّذ أسامة ﵁، وكان أبو بكر ﵁ حكيما موفقا في هذا القرار الصارم، وكان فيه من الخير: تقديس عمل رسول الله ﷺ، إذ عقد اللواء لأسامة ﵁ ووجهه بجيش إلى الروم، ومن يجسر على حل أمر أبرمه رسول الله ﷺ، فكان هذا من فقه أبي بكر ﵁، فقد عظَّم الله ورسوله في هذا الإجراء، ولم يشك في نصر الله للمؤمنين، قال الزهري ﵀: من فضل أبي بكر أنه لم يشك في الله ساعة (٤)، ومن شدة وثوقه بالله تعالى كان المنقوش على خاتمه «نِعْمَ اللهُ القادر» وقد حصل بهذا الاستقواءُ الذي أراده الصحابة ﵃ خير كثير، فإنه لما أنفذ أسامة ﵁ بجيشه، جعل لا يمر بقبيلٍ يريدون الارتداد إلاّ قالوا: لولا أن لهؤلاء قوةً ما خرج مثل هؤلاء من عندهم، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم، فلقوا الروم فهزموهم، وقتلوهم ورجعوا
(١) بقعاء ذي القصة على بعد أربعة وعشرين ميلا عن المدينة (تاج العروس ١/ ٥١١١) ولعله بين ذي خشب والمدينة، من جهة طريق تبوك الآن. (٢) مختصر تاريخ دمشق (٤/ ٢٩١). (٣) تأمل هذه العبارة من أسامة ﵁ فإن فيها إجلال لأبي بكر، فكأنه يقول لأبي بكر ﵁، كيف تطلب مني إبقاء عمر ﵁، وأنت المقدم عليه عند الله ورسوله والمؤمنين، فما زاد ذلك أبا بكر إلا تواضعا، وحلما في مخاطبة أسامة ﵁، مع بيان سبب استبقاء عمر ﵁، وفي ذلك تكريم لعمر ﵁، وهو والله لذلك أهل، ﵃ أجمعين. (٤) مختصر تاريخ دمشق (٤/ ٢٩١).
1 / 70