93

The Good Rules for Interpreting the Quran

القواعد الحسان لتفسير القرآن

Publisher

مكتبة الرشد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

الرياض

Genres

القاعدة الخامسة والثلاثون: تقديم أعلى المصلحتين وأهون المفسدتين في القرآن عدة آيات في الحث على أعلى المصلحتين وتقديم أهون المفسدتين، ومنع ما كانت مفسدته أرجح من مصلحته، وهذه قاعدة جليلة. نبه الله عليها في آيات كثيرة. فمن الأول: المفاضلة بين الأعمال وتقديم الأعلى منها كقوله في سورة الحديد: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾ [الحديد: ١٠] وقوله في سورة التوبة: ﴿أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ١٩] وكقوله في سورة النساء: ﴿لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٩٥] . ومن الثاني: قوله تعالى في سورة البقرة: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾ [البقرة: ٢١٧] بين تعالى أن ما نقمه الكفار على المسلمين من قتال في الشهر الحرام - وإن كان مفسدة - فما أنتم عليه من الصد عن سبيل الله والكفر به وبسبيل هداه وبالمسجد الحرام وصدكم عنه، وإخراج أهله منه أكبرُ عند الله، وفتنتكم المؤمنين بشديد الأذى محاولين إرجاعهم إلى الشرك أكبرُ من القتال في الشهر الحرام. وقوله في سورة الفتح: ﴿وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ [الفتح: ٢٥] فكف الله المؤمنين عن القتال في المسجد الحرام في صلح الحديبية مع وجود المقتضي من الكفار اتقاء للمفسدة المترتبة على ذلك: من إصابة المؤمنين والمؤمنات المستضعفين الذين حبسهم المشركون بمكة عن الهجرة بأنواع من الأذى أو القتل، ما يكون سببًا في لحوق المعرة بجيش المؤمنين. وكذلك جميع ما جرى في صلح الحديبية من هذا الباب: من التزام تلك الشروط التي ظاهرها الضرر على المسلمين. ولكن تبين لهم بعد أنها عين

1 / 98