130

Uṣūl al-īmān fī ḍawʾ al-kitāb waʾl-sunna

أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة

Publisher

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢١هـ

Publisher Location

المملكة العربية السعودية

Genres

وقال تعالى: ﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: ١] (هود: ١) . وقال ﷿: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ - إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦ - ١٧] (القيامة: ١٦، ١٧) .
فدلت هذه الآيات على كمال حفظ الله للقرآن لفظا ومعنى بدءا بنزوله إلى أن يأذن الله برفعه إليه سليما من كل تغيير أو تبديل. إذ تكفل بتعليمه لنبيه ﷺ، ثم جمعه في صدره وبيانه له وتفسيره في سنته المطهرة، ثم ما هيأ الله له بعد ذلك من عدول الرجال الذين حفظوه في الصدور والسطور، عبر الأجيال والقرون، فبقي سليما منزها من كل باطل، يقرؤه الصغار والكبار، على مختلف الأعصار والأمصار، غضا طريا كما أنزل من الله على رسوله ﷺ.
وقد نبه العلماء في هذا المقام إلى سر لطيف ونكتة بديعة تتعلق بجواز التحريف على التوراة وعدم جوازه على القرآن على ما روى أبو عمرو الداني عن أبي الحسن المنتاب قال: (كنت يوما عند القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق فقيل له: لم جاز التبديل على أهل التوراة ولم يجز على أهل القرآن؟ فقال القاضي: قال الله ﷿ في أهل التوراة ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٤٤] (المائدة: ٤٤) فوكل الحفظ إليهم فجاز التبديل عليهم. وقال في القرآن ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] (الحجر: ٩) فلم يجز التبديل عليهم. قال: فمضيت إلى أبي عبد الله المحاملي فذكرت له الحكاية فقال: " ما سمعت كلاما أحسن من هذا ".

1 / 142