298

Waẓīfat al-ṣūra al-fanniyya fī al-Qurʾān

وظيفة الصورة الفنية في القرآن

Publisher

فصلت للدراسات والترجمة والنشر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

حلب

Genres

سماته، ولكنّ الله لم يترك هذا المتكبر على عجرفته، بل وضع له صورة مقابلة في الخزي في الدنيا، ثم يمتد هذا الخزي، في صورة عذاب الحريق الحسية يوم القيامة.
وهناك صنف «الأغبياء» الذين لا يفقهون ما يسمعون، ترسمهم الصورة في قول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفًا محمد: ١٦، وهناك أيضا نموذج الضال الهالك، الذي يرى سلوكه حسنا، ويغترّ به، يقول تعالى في هذا الصنف من الناس: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فاطر: ٨.
فهذا النموذج يرى سلوكه السيئ حسنا، لأن الشيطان يزيّنه له، ويغريه به، ويضلّه عن حقيقته السيئة.
وصنف من الناس يتسم بالمكابرة والعناد، ولو رأى الحق أمامه محسوسا ملموسا. يقول تعالى: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتابًا فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ الأنعام: ٧.
وصورة أخرى لهذا النموذج المكابر المعاند نراها في قوله تعالى: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ بابًا مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ الحجر: ١٤ - ١٥.
فلو صعد هذا النموذج إلى السماء من باب مفتوح، ورأى الحقيقة لظلّ على عناده في الإنكار، لأنه سيقول: إنه مسحور، وليس ما يراه حقيقة، وهذا النموذج يثير الاحتقار والسخرية من طريقته في العناد والمكابرة، حتى لو رأى دليلا أمامه لأنكره. لأنه محجوب عن رؤية الحقيقة بغطاء المكابرة المسدل على وجهه.
ونموذج من الناس. صاحب ادّعاء عريض في أيام الرخاء، ولكنّه في أيام الشدّة والمحنة متخاذل جبان، يقول تعالى في هذا الصنف من الناس: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ العنكبوت: ١٠.
وهناك أيضا نماذج من أهل الكتاب، يقول الله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ آل عمران: ٧٥.
فنحن نجد هنا نموذجين من أهل الكتاب، نموذج أمين، ونموذج آخر خبيث مخادع

1 / 312