The Function of the Artistic Image in the Quran
وظيفة الصورة الفنية في القرآن
Publisher
فصلت للدراسات والترجمة والنشر
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
Publisher Location
حلب
Genres
تثبت أنهم لا ينظرون إلى آيات الله المبثوثة أمامهم، بسبب هذه الحواجز والسدود، التي أقاموها حولهم، حتى لا يروا الحقّ الذي جاء به الرسول ﷺ.
ويمضي تصويرهم في التعبير القرآني، لرسم صورة أخيرة لهم، وهي صورة الختم على القلوب والأسماع والأبصار، يقول الله تعالى فيهم: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ البقرة: ٧.
فهم قد سدّوا كل المنافذ، وأغلقوها بإحكام وأختام حتى لا ينفذ النور إليها.
وتتكرر صورة الختم هذه، بصورة أخرى تماثلها وهي الطبع على القلوب، فالطبع على القلوب هو الختم عليها «١٨».
وهذه الصورة كثيرة أيضا في القرآن الكريم، للإيحاء بأنه لا جدوى من دعوتهم بعد طبع القلوب وختمها يقول الله تعالى: وَطَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ التوبة: ٩٣، أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ النحل: ١٠٨، أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ، وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ محمد: ١٦، وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ الأعراف: ١٠٠، كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ يونس: ٧٤، وغير ذلك من الآيات.
وإذا كانت الصورة هنا تعبّر عن شدة إغلاق منافذ الإدراك والمعرفة بالختم والطبع، فإنها تعبر في سياق آخر عن شدة العذاب، بوصفه بالغلظ، لتجسيمه، والإيحاء بشدته وعنفه كقوله تعالى: وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ هود: ٥٨، وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ إبراهيم: ١٧، نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ لقمان: ٢٤، وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ فصلت: ٥٠.
كما وصف أيضا الميثاق بالغلظ، لتجسيمه في صورة محسوسة ذات سماكة وغلظ، للإيحاء بقوته وشدته كقوة الشيء المحسوس ذي السماكة. قال تعالى: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقًا غَلِيظًا النساء: ٢١، وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقًا غَلِيظًا النساء: ١٥٤، وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقًا غَلِيظًا الأحزاب: ٧.
ويعبّر عن الشدة والهلاك بصورة العقم الحسية، في سياق التدمير والموت، كقوله: وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ، ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ الذاريات: ٤١ - ٤٢.
(١٨) صفوة التفاسير: الدكتور محمد علي الصابوني. ١/ ٣١٧.
1 / 135