152

The Foundations of Attaining God Almighty

أصول الوصول إلى الله تعالى

Publisher

المكتبة التوفيقية

Edition Number

الثانية

Publisher Location

القاهرة

Genres

ومع هذه الدواعى كلها فقد آثر مرضاة الله وخوفه، وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنا، فقال: " رب السجن أحب إلىّ مما يدعوننى إليه " (يوسف: ٣٣)، وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه، وأن ربه - تعالى - إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن صبا إليهن بطبعه، وكان من الجاهلين، وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه. ثم إن الاعتصام لن يكون إلا إذا كان هناك عمل ودعاء .. فمثلا: الاخ الذى أقول له تب، فيقول: ادع لى يا " عم الشيخ "، أقول له: يا بنى، " تب " هذه تحتاج إلى عمل وشغل، وأن تدعو أنت لنفسك أولا، ثم ادعو أنا لك بعد ذلك .. يوسف ﵇ كان محسنا .. محسنا فى الاعتقاد ومحسنا فى السلوك، وفوق ذلك دعا بالعصمة، فكانت النجاة .. نجا لأنه فى الاصل أحسن العمل. نعم: كان يوسف محسنا مع ربه وأيضا مع الناس، وقد سمى الله قصته " أحسن القصص " (يوسف: ٣) ووصفه السجناء بالاحسان فقالوا: " نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين " (يوسف: ٣٦) .. وبالاحسان مكنه الله - تعالى - فى الارض، " وكذلك مكنا ليوسف فى الارض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين " (يوسف: ٥٦) .. وقال له إخوته وهم لا يعرفونه: " فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين " (يوسف: ٧٨) .. ثم أثنى على ربه بإحسانه إليه: " وقد أحسن بى إذ أخرجنى من السجن " (يوسف: ١٠٠).

1 / 164