The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny
العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي
Publisher
دار الكتاب والسنة
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Publisher Location
باكستان
Genres
له، فالكاذب على الرسول كالمكذب له.
يوضح ذلك أن تكذيبه نوع من الكذب فإن مضمون تكذيبه الإخبار عن خبره أنه ليس بصدق، وذلك إبطال لدين الله، ولا فرق بين تكذيبه في خبر واحد أو في جميع الأخبار، وإنما صار كافرًا لما يتضمنه من إبطال رسالة الله ودينه. والكاذب عليه يدخل في دينه ما ليس منه عمدًا ويزعم أنه يجب على الأمة التصديق بهذا الحبر وامتثال هذا الأمر لأنه دين الله مع العلم بأنه ليس لله مدين.
والزيادة في الدين كالنقص منه، ولا فرق بين من يكذب بآية من القرآن أو يصنف كلامًا ويزعم أنه سورة من القرآن عامدًا لذلك ...
فحاصله أن الرسول، ﷺ، أكمل البشر في جميع أحواله، فما تركه من القول والفعل فتركه أكمل من فعله، وما فعله ففعله أكمل من تركه، فإذا كذب الرجل عليه متعمدًا أو أخبر عنه بما لم يكن فذلك الذي أخبر عنه تقصّ بالنسبة إليه، إذ لو كان كمالًا لوجد منه، ومن انتقص الرسول فقد كفر ....
الأقوال والأعمال أساس إجراء الأحكام:
القول الثاني: إن الكاذب عليه تغلظ عقوبته، لكن لا يكفر، ولا يجوز قتله لأن موجبات الكفر والقتل معلومة، وليس هذا منها، فلا يجوز أن يثبت ما لا أصل له، ومن قال هذا فلا بد أن يقيد قوله بأنه لم يكن الكذب عليه متضمنًا لعيب ظاهر. فأما إن أخبر أنه سمعه يقول كلامًا يدل على نقصه وعيبه دلالة ظاهرة مثل حديث عرق الخيل ونحوه من الترهات فهذا مستهزئ به استهزاءً ظاهرًا ولا ريب أنه كافر حلال الدم.
وقد أجاب من ذهب إلى هذا القول عن الحديث بأن النبي، ﷺ، علم أنه كان منافقًا فقتله لذلك لا للكذب.
وهذا الجواب ليس بشيء: لأن النبي، ﷺ، لم يكن من سننه أن يقتل أحدًا من المنافقين الذين أخبر الثقة عنهم بالنفاق أو الذين نزل القرآن بنفاقهم فكيف يقتل رجلًا بمجرد علمه بنفاقه؟ ثم إنه سمي خلفًا من المنافقين لحذيفة وغيره ولم يقتل منهم أحدًا.
وأيضًا فالسبب المذكور في الحديث إنما هو كذبه على النبي، ﷺ، كذبًا له فيه غرض وعليه رتب القتل فلا تجوز إضافة القتل إلى سبب آخر.
1 / 167