130

The Excuse of Ignorance Under Shariah Scrutiny

العذر بالجهل تحت المجهر الشرعي

Publisher

دار الكتاب والسنة

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م

Publisher Location

باكستان

Genres

وكذلك أهل التصوف الذين يعتقدون أن الولي خير من النبي ﷺ أو من يظن أن ثمّ طريق آخر إلى الله دون طريق النبي ﷺ. وكذلك من يعتقد أن علم الشريعة وحدودها للعوام دون الخواص، ومن يظن أن شيخه ليس مناطًا بالتكاليف الشرعية لأنه قد وصل إلى علم اليقين وهذه المرتبة عندها تسقط التكاليف محتجًا بقوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ). فهؤلاء جميعًا ومن على شاكلتهم ينطبق عليهم قول الله -جل ثناؤه-: (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ). وهؤلاء كلهم قد ثبت بأقوالهم نفاقهم سواء كان صاحبه منافقًا قبل هذا القول أو حدث له النفاق به -والله أعلم-. المبحث الثاني: حكم المستهزئ بآيات الله: الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ...) [التوبة: ٦٥، ٦٦]. قال القاضي أبو بكر بن العربي: لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جد أو هزلًا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو الحق والعلم والهزل أخو الباطل والجهل (١) ا. هـ. وقال القرطبي: قوله تعالى: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ). على جهة التوبيخ كأنه يقول: لا تفعلوا ما لا ينفع ثم حكم عليهم بالكفر وعدم والاعتذار من الذنب. ا. هـ. وقال البغوي: (لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) فإن قيل: كيف قال: كفرتم بعد إيمانكم وهم لم يكونوا مؤمنين؟ قبل: معناه أظهرتم الكفر بعد ما أظهرتهم الإيمان. ا. هـ. وقال ابن كثير: قال أبو معشر المديني عن محمد بن كعب القرطبي وغيره قالوا: قال رجل من المنافقين: ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطونا وأكذبنا ألسنة وأجبنا عند اللقاء. فرفع ذلك إلى رسول الله ﷺ فجاء إلى رسول الله ﷺ وقد ارتحل وركب ناقته فقال:

(١) أحكام القرآن جـ: ٢ ص: ٩٧٦، ٩٧٧.

1 / 150