134

Ārāʾ Muḥammad Rashīd Riḍā al-ʿaqāʾidiyya fī ashrāṭ al-sāʿa al-kubrā wa āthārihā al-fikriyya

آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

Publisher

مكتبة الإمام الذهبي للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م

Publisher Location

الكويت

Genres

يجعل القرآن مبددًا متفرقًا لا ترتبط أجزاؤه، ولا تتصل أنحاؤه. ومثله ما قالوه في سبب الآية التي بعد هذه الآية، فإنها جاءت على سنة القرآن من وصل الدليل بالدعوى، ولكنهم رووا في سببها روايات منها أن آية ﴿وإلهكم إله واحد﴾، نزلت بالمدينة، ثم سمع بها مشركوا مكة فقالوا ما قالوا وعجبوا كيف يسع الخلق إله واحد، وطلبوا الدليل على ذلك. كأنهم لم يكونوا قد سمعوا عليه دليلًا، وكأن هذه الدعوى لم تكن طرأت على أذهانهم ولا طرقت أبواب مسامعهم، على أن النبي ﷺ كان قد أقام فيهم يدعوهم إلى هذا التوحيد عشر سنين ونيفًا، وسبق لهم التعجب منه ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)﴾ (١) ومعظم ما نزل بمكة آيات وبراهين عليه، فكيف نسلم أن ما نراه في التنزيل المدني من آيتين متصلتين إحداهما في التوحيد والأخرى في دليله، قد كان من الفصل بينهما أن نزل الدليل بعد المدلول بزمن طويل وسبب متأخر؟ .
وأضاف الأستاذ الإمام بعد بيان اتصال الآية بما قبلها وتقرير معناها: ومن هنا يظهر أنها لا يصح أن تكون جوابًا للذين قالوا: انسب لنا ربك، أو صف لنا ربك، لأن هذا السؤال إنما يصدر عمن لا يعرف شيئًا من صفات هذا الرب العظيم، أو ممن يبغي أن يعرف مقدار علم المسؤول بهذه الصفات، ويجب أن يكون جوابه بذكر العلم والحكمة والإدارة والقدرة، وهي صفات لا تعقل الألوهية إلا بها، وسببه أن أولئك الكفار لم يكونوا يكتمونها ولا يشركون مع الله أحدًا فيها، وإنما أشركوا في الألوهية بعبادة غير الله تعالى

(١) سورة ص آية ٥.

1 / 140