Ārāʾ al-Samʿānī al-ʿAqdiyya
آراء السمعاني العقدية
Genres
الأدب الأول: أن يكون الدعاء ممزوجا بالتضرع، والتذلل والخضوع لله جل وعلا، يقول السمعاني: أي: ضارعين متذللين خاشعين، وخفية أي سرا (^١)، وقد بيَّن السمعاني المعنى ووضحه عند تفسير قوله تعالى: (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية) فقال: أي: علانية وسرا، وقيل: أن يكون السر مع الجهر في الدعاء، بحيث يدعو باللسان وسره معه (^٢) ويكون في حال السر، فخير الدعاء الخفي. وهنا سؤالان:
الأول: لِمَ كان الإخفاء معتبرا في الدعاء؟
الثاني: ما السِّر في إخفاء زكريا ﵇ دعاءه، كما في قوله تعالى: " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا " (مريم ٣)؟
والجواب عن الأول يُقال: إن الإخفاء معتبر في الدعاء لأمور:
١ - الأمر به في هذه الآية الكريمة، والأمر دائر بين الوجوب والاستحباب، فَدَّل على اعتباره.
٢ - أن الله تعالى أثني على زكريا ﵇ فقال: " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا " (مريم ٣)، أي: أخفاه عن العباد، وأخلصه لله تعالى، وانقطع به إليه.
٣ - أن النبي ﷺ، قال للصحابة لما رفعوا أصواتهم بالتكبير: " أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا " (^٣)
٤ - أن النفس شديدة الميل، عظيمة الرغبة في الرياء والسمعة، فإذا رفع صوته في الدعاء، امتزج الرياء بذلك الدعاء، فلا يبقى فيه فائدة البتة، فكان الأولى إخفاء الدعاء؛ ليكون مصونا عن الرياء. (^٤)
٥ - وأن ذلك أدعى لإجابة الدعاء. (^٥)
٦ - وأنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى، يسمع دعاءه الخفي.
٧ - وأنه أعظم في الأدب والتعظيم.
٨ - وهو أبلغ في التضرع والخشوع، الذي هو روح الدعاء، ولبه، ومقصوده.
(^١) - السمعاني: مرجع سابق: ٢/ ١٨٩
(^٢) - السمعاني: مرجع سابق: ٢/ ١١٣
(^٣) «أخرجه البخاري في صحيحه، باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير، ح (٢٩٩٢)
(^٤) «الرازي: مفاتيح الغيب ١٤/ ٢٨١
(^٥) «أبو حيان: البحر المحيط: ٥/ ٦٨
1 / 174