The Doctrinal Views of Al-Sam'ani
آراء السمعاني العقدية
Genres
المطلب الخامس: مسائل في الربوبية:
لم يُغفل السمعاني بعض المسائل المتعلقة بالربوبية، من جهة ما يتعلق بها من قضايا تُعمق هذه العقيدة في القلب، أو ما قد يرد عليها من التساؤلات والإشكالات، وقد عالجها بطريقته المعهودة، بذكر بعض الأوجه التي تُقرب المسائل وتحل إشكالاتها.
المسألة الأولى: خضوع الجمادات لله تعالى، وتسبيحها له جل وعلا:
بيَّن القرآن الكريم، أن كل ما في هذا الكون خاضع لله تعالى، يسجد له، ويسبح بحمده. فمن مَيَّزه الله ﷿، وفضله على بقية المخلوقات، وشَرَّفه بالعقل، والفهم، والإدراك، فهو يخضع وينقاد لله تعالى إما طوعًا، وإما كرهًا، يقول ﷾:" أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣) " ... (آل عمران ٨٣): يقول مجاهد: " سجود المؤمن طائعًا، وسجود الكافر وهو كاره ". (^١)
وقال تعالى: " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْأصَالِ (١٥) " (الرعد ١٥)، قال قتادة: " فأما المؤمن فيسجد طائعًا، وأما الكافر فيسجد كارهًا " (^٢). وقال السُّدي: " إذا سجد الأشياء، سجد ظله معه ". (^٣)
وهذا هو القول الذي نقله الإمام السمعاني في تفسير الآية، فقال: " يعني: يسجد من في السموات طوعًا، ويسجد من في الأرض، بعضهم طوعًا، وبعضهم كرهًا. والسجود هوالخضوع بالتذلل ...، وقوله " وَظِلَالُهُم ": قالوا: ظل الكافر يسجد طوعًا، والكافر يسجد كرهًا، وظل المؤمن يسجد طوعًا، وكذا المؤمن يسجد طوعًا، هذا هو القول المنقول عن السلف ". (^٤)
(^١) «مجاهد بن جبر: تفسير مجاهد: دار الفكر الإسلامي الحديثة، مصر، ط ١، ١٤١٠ هـ (٢٥٥) (^٢) «الطبري: جامع البيان: ١٦/ ٤٠٣ (^٣) «ابن أبي زمنين: تفسير القرآن العزيز، دار الفرقان الحديثة، القاهرة، ط ١، ١٤٢٣ هـ (٢/ ٣٥١) (^٤) «السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٨٦
1 / 125