وقال بعض العلماء: لا يجوز استقبال القبلة، ولا استدبارها بكلِّ حال في البُنيان وغيره، وهو رواية عن أحمد (١)، قالوا: وهذا مقتضى حديث أبي أيُّوب استدلالًا وعملًا.
أما الاستدلال: فبقولِ الرَّسولِ ﷺ.
وأما العمل: فبفعل أبي أيُّوب حين قدم الشَّام فوجد مراحيض بُنيت نحو الكعبة قال: «فَنَنْحَرِفُ عنها ونستغفر الله»، وهذا يدلّ على أنه لم يرَ هذا كافيًا، وهذا اختيار شيخ الإِسلام (٢).
وأجابوا عن حديث ابن عمر بما يلي:
١ - أنه محمولٌ على ما قبل النَّهي، والنَّهي يُرَجَّحُ عليه؛ لأن النَّهيَ ناقل عن الأصل، وهو الجواز، والنَّاقل عن الأصل أوْلَى.
ذ٢ - أن حديث أبي أيُّوب قول، وحديث ابن عمر فعل، والفعل لا يُعارض القولَ؛ لأن فعله ﷺ يحتمل الخصوصية، أو النِّسيان، أو عُذْرًا آخر، لكن هذا الاحتمال مردودٌ؛ لأن الأصل الاقتداء والتأسِّي به ﷺ. ثم إِنَّه لا توجد هنا معارضة تامَّة بين القول والفعل، ولو كان كذلك لكان القول بالخُصوصية مُتَّجهًا، بل يمكن حمل حديث أبي أيُّوب على ما إذا لم يكن في البُنيان، وحديث ابن عمر في الاستدبار على ما إذا كانَ في البنيان.
والرَّاجح: أنه يجوز في البُنيان استدبارُ القِبْلة دون استقبالِها؛ لأن النهيَ عن الاستقبال محفوظٌ ليس فيه تفصيل ولا