The Delight of Publication in the Interpretation of the Ten Commandments
أطيب النشر في تفسير الوصايا العشر
Publisher
مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ. أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ ١ وإن من يمعن النظر في هذه الآيات يجد صواعق محرقة لأوهام الجاهلية في كل زمان ومكان، وحجة دامغة تدك تلك الأفكار الواهية والحق أنهم اعترفوا بتوحيد الخلق والتدبير ولكن في الأمور العظام قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ ٢ فالتوحيدان متلازمان ولا يجوز الفصل بينهما، ولكنهم لا يعقلون.
٢- أنهم كانوا يستعينون بغير الله ﷿ في حوائجهم، من شفاء المريض، وإغناء الفقير، ويقدمون القرابين ويفعلون النذور، لأنهم يتوقعون إنجاح مقاصدهم بذلك، ويتلون أسماءهم رجاء بركتهم، فأوجب الله عليهم أن يقولوا (إياك نعبد وإياك نستعين) في كل يوم وليلة سبع عشره مرة، ونهاهم عن دعوة غيره فقال: ﴿فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ ٣ والمراد هنا عموم العبادة، ومنها الدعاء، ومرت الدعاء الاستعانة لقوله تعالى: ﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ﴾ ٤.
٣- ومنها أنهم كانوا يتخذون أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله ﷿، وذلك بأنهم كان يعتقدون أن الحلال ما أحله الرهبان، وأن الحرام ما حرموا، فما أباحوا لهم أخذوه، وما حرموه عليهم امتنعوا عنه ويتجلى هذا حين نزل قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ٥ فسأل عدي بن حاتم ﵁ رسول الله ﷺ عن ذلك فقال: "كانوا يحلون أشياء فيستحلونها، ويحرمون عليهم أشياء فيحرمونها"٦ والحكم بحلية الشيء أو بتحريمه لا يؤخذ إلا عن الله ﷿ قال تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ﴾ ٧ فتحديد الأشياء التي يؤاخذ عليها العباد والتي لا يؤاخذون عليها
_________
١ الآيات من سورة النمل.
٢ الآية (٦٥) من سورة العنكبوت.
٣ جزء من الآية (١٨) من سورة الجن.
٤ الآية (٤١) من سورة الأنعام.
٥ الآية (٣١) من توبة.
٦ انظر كلام ابن كثير ومادمن عن هذا ٢/٣٤٨.
٧ الآية (١١٦) من النحل.
69 - 70 / 26