The Creed of the People of the Sunnah and the Community by al-Uthaymeen
عقيدة أهل السنة والجماعة للعثيمين
Publisher
الجامعة الأسلامية المدينة المنورة
Edition Number
الرابعة
Publication Year
١٤٢٢ هـ
Genres
عقيدة أهل السنة والجماعة
تأليف: محمد الصالح العثيمين
مقدمة المؤلف
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الْمَلِك الحَقّ المبين. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الله تعالى أرسل رسوله محمدًا ﷺ بالهدى ودين الحق، رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على العباد أجمعين، بين به وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد، واستقامة أحوالهم في دينهم ودنياهم، من العقائد الصحيحة، والأعمال القويمة، والأخلاق الفاضلة، والآداب العالية. فترك ﷺ أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنا إلا هالك١.
فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق، من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته، وتمسكوا بسنته، وعضوا عليها بالنواجذ: عقيدةً، وعبادةً، وخلقا، وأدبا، فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك٢.
ونحن ولله الحمد على آثارهم سائرون، وبسيرتهم المؤيدة
_________
١ هذا جزء من حديث العرباض بن سارية ﵁ رواه ابن ماجة في سننه (١/١٦) في المقدمة وأحمد في مسنده (٤/١٢٦) والحديث لا يقل عن درجة الحسن جمع طرقه المروزي في كتاب السنة له.
٢ هذا إشارة إلى حديث ثوبان ومعاوية والمغيرة ﵃ الذي رواه البخاري في صحيحه (٤/٢٥٢) في المناقب ومسلم في صحيحه (٣/١٥٢٣) الإمارة. واللفظ لمسلم من رواية ثوبان.
1 / 5
بالكتاب والسنة مهتدون، نقول ذلك تحدثا بنعمة الله، وبيانا لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن.
ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
ولأهمية هذا الموضوع وتفرق أهواء الخلق فيه أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا: عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم والآخر، والقدر خيره وشره.
سائلًا الله تعالى أن يجعل ذلك خالصا لوجهه، موافقا لمرضاته، نافعا لعباده.
1 / 6
فصل: " الإيمان بالله "
...
فصل:
عقيدتنا: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي: بأنه الرب الخالق المالك المدبر لجميع الأمور.
ونؤمن بألوهية الله تعالى، أي: بأنه الإله الحق وكل معبود سواه باطل.
ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي: بأن له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.
ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي: بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال الله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ ١.
نؤمن بأنه: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ ٢.
ونؤمن بأنه: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ٣.١
_________
١سورة مريم، الآية: ٦٥.
٢ سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.
٣ سورة الحشر، الآيتان: ٢٢ - ٢٤.
1 / 7
ونؤمن بأن له ملك السماوات والأرض: ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ ١.
ونؤمن بأنه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ ٢.
ونؤمن بأنه: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ "٣.
ونؤمن بأنه: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ ٤.
ونؤمن بأن الله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ ٥.
ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ ٦، ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ ٧، ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ ٨.
ونؤمن بأنه: ﴿لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ ٩، ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ ١٠.
_________
١ سورة الشورى، الآيتان: ٤٩ - ٥٠.
٢ سورة الشورى، الآيتان: ١١ - ١٢.
٣ سورة هود، الآية: ٦.
٤ سورة الأنعام، الآية: ٥٩.
٥ سورة لقمان، الآية: ٣٤.
٦ سورة النساء، الآية: ١٦٤.
٧ سورة الأعراف، الآية: ١٤٣.
٨ سورة مريم، الآية: ٥٢.
٩ سورة الكهف، الآية: ١٠٩.
١٠ سورة لقمان، الآية: ٢٧.
1 / 8
ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات، صدقا في الأخبار وعدلًا في الأحكام وحسنا في الحديث، قال تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ ١، وقال: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ ٢.
ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى، تكلم به حقا وألقاه إلى جبريل، فنزل به جبريل على قلب النبي ﷺ: ﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَق﴾ ٣، ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ ٤.
ونؤمن بأن الله ﷿ عَلِيٌ على خلقه بذاته وصفاته، لقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ ٥، وقوله: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ ٦.
ونؤمن بأنه: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأمْرَ﴾ ٧.
واستواؤه على العرش: عُلُوُّه عليه بذاته عُلوًّا خاصا يليق بجلاله وعظمته، لا يعلم كيفيته إلا هو.
ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبر أمورهم، يرزق الفقير، ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ٨.
_________
١ سورة الأنعام، الآية: ١١٥.
٢ سورة النساء، الآية: ٨٧.
٣ سورة النحل، الآية: ١٠٢.
٤ سورة الشعراء، الآيات: ١٩٢ - ١٩٥.
٥ سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.
٦ سورة الأنعام، الآية: ١٨.
٧ سورة يونس، الآية: ٣.
٨ سورة الشورى، الآية: ١١.
1 / 9
ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض.
ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال، لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.
ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله ﷺ: أنه "ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" ١.
ونؤمن بأنه ﷾ يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد، لقوله تعالى: ﴿كَلاّ إِذَا دُكَّتِ الأرْضُ دَكًّا دَكًّا وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ ٢.
ونؤمن بأنه تعالى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ ٣.
ونؤمن بأن إرادته تعالى نوعان:
كونية: يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوبا له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ ٤، ﴿إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ﴾ ٥.
وشرعية: لا يلزم بها وقوع المراد، ولا يكون المراد فيها إلا محبوبا له، كقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ﴾ ٦.
_________
١ رواه مالك في الموطأ (١/٢١٤) والبخاري في صحيحه (٩/٢٥، ٢٦) كتاب التوحيد، ومسلم في صحيحه (١/٥٢١) صلاة المسافرين، جميعهم من حديث أبي هريرة ﵁ مرفوعًا.
٢ سورة الفجر الآيات: ٢١ - ٢٣.
٣ سورة البروج، الآية: ١٦.
٤ سورة البقرة، الآية ٢٥٣.
٥ سورة هود، الآية: ٣٤.
٦ سورة النساء، الآية: ٢٧.
1 / 10
ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كونا أو تعبد به خلقه شرعا فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم، أو تقاصرت عقولنا عن ذلك: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ ١، ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ ٢.
ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ ٣، ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ ٤، ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ ٥، ﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ ٦، ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ ٧.
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال، ويكره ما نهى عنه منها: ﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ ٨، ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ ٩.
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ ١٠.
ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ ١١،
_________
١ سورة التين، الآية: ٧.
٢ سورة المائدة، الآية: ٥٠.
٣ سورة آل عمران، الآية: ٣١.
٤ سورة المائدة، الآية: ٥٤.
٥ سورة آل عمران، الآية: ١٤٦.
٦ سورة الحجرات، الآية: ٩.
٧ سورة البقرة، الآية: ١٩٥.
٨ سورة الزمر، الآية: ٧.
٩ سورة التوبة، الآية: ٤٦.
١٠ سورة البينه، الآية: ٨.
١١ سورة الفتح، الآية: ٦.
1 / 11
﴿وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ ١.
ونؤمن بأن لله تعالى وجها موصوفًا بالجلال والإكرام: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ﴾ ٢.
ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ ٣، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ ٤.
ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى: ﴿وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا﴾ ٥، وقال النبي ﷺ: "حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه" ٦.
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي ﷺ في الدجال: " ... إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور ... " ٧.
ونؤمن بأن الله تعالى ﴿لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ٨.
ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ٩.
_________
١ سورة النحل، الآية: ١٠٦.
٢ سورة الرحمن، الآية: ٢٧.
٣ سورة المائدة، الآية: ٦٤.
٤ سورة الزمر، الآية: ٦٧.
٥ سورة هود، الآية: ٣٧.
٦ رواه مسلم في صحيحه (١/١٦٢) كتاب الإيمان حديث ٢٩٣ وابن ماجه في سننه (١/٧٠) المقدمة من حديث أبي موسى الأشعري ﵁.
٧ جزء من حديث متفق عليه أخرجه البخاري في صحيحه (٩/٧٥) كتاب الفتن من حديث ابن عمر وأنس ﵄. وكذا في مواضع من صحيحه ومسلم في صحيحه (٤/٢٢٤٨) كتاب الفتن حديث (١٠١) .
٨ سورة الأنعام، الآية: ١٠٣.
٩ سورة القيامة، الآيتان: ٢٢ - ٢٣.
1 / 12
ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ ١.
ونؤمن بأنه: ﴿لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ﴾ ٢لكمال حياته وقيوميته.
ونؤمن بأنه لا يظلم أحدًا لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته.
ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ٣.
وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ ٤، أي: من تعب ولا إعياء.
ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله ﷺ من الأسماء والصفات، لكننا نتبرأ من محظورين عظيمين هما:
التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.
ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله ﷺ، وأن ذلك النفي يتضمن إثباتا لكمال ضده، ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله.
_________
١ سورة الشورى، الآية: ١١.
٢ سورة البقرة، الآية: ٢٥٥.
٣ سورة يس، الآية: ٨٢.
٤ سورة ق، الآية ٣٨.
1 / 13
ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لا بد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلًا وأحسن حديثا، والعباد لا يحيطون به علما.
وما أثبته له رسول ﷺ أو نفاه عنه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم.
ففي كلام الله تعالى ورسوله ﷺ كمال العلم والصدق والبيان، فلا عذر في رده أو التردد في قبوله.
فصل
وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلًا أو إجمالًا، إثباتا أو نفيا، فإننا في ذلك على كتاب ربنا وسنة نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها، وحملها على حقيقتها اللائقة بالله ﷿.
ونتبرأ من طريق المحرّفين لها، الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله ﷺ، ومن طريق المعطّلين لها الذين عطّلوها عن مدلولها الذي أراده الله ورسوله ﷺ.
ومن طريق المغالين فيها، الذين حملوها على التمثيل، أو تكلفوا لمدلولها التكييف.
ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه ﷺ فهو حق لا يناقض بعضه بعضا، لقوله تعالى: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
1 / 14
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾ ١. ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضا، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله ﷺ.
ومن ادّعى أن في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله ﷺ أو بينهما تناقضا فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه، فليتب إلى الله تعالى ولينزع عن غيه.
ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله ﷺ أو بينهما فذلك إما لقلة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكف عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ ٢،وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.
فصل: " الإيمان بالملائكة" ... فصل: ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم: ﴿عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ ٣، خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته: ﴿لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ ٤، _________ ١ سورة النساء، آية: ٨٢. ٢ سورة آل عمران، آية: ٧. ٣ سورة الأنبياء، الآيتان: ٢٦ - ٢٧. ٤ سورة الأنبياء، الآيتان: ١٩ - ٢٠.
فصل: " الإيمان بالملائكة" ... فصل: ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم: ﴿عِبَادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ ٣، خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته: ﴿لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ﴾ ٤، _________ ١ سورة النساء، آية: ٨٢. ٢ سورة آل عمران، آية: ٧. ٣ سورة الأنبياء، الآيتان: ٢٦ - ٢٧. ٤ سورة الأنبياء، الآيتان: ١٩ - ٢٠.
1 / 15
حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي ﷺ جبريل على صورته، له ستمائة جناح قد سد الأفق١، وتمثل جبريل لمريم بشرًا سويا فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي ﷺ وعنده الصحابة بصورة رجل لا يعرف ولا يرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي ﷺ، فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي ﷺ، ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبي ﷺ، وخاطبه النبي ﷺ، وأخبر النبي ﷺ أصحابه أنه جبريل٢.
ونؤمن بأن للملائكة أعمالًا كلفوا بها: فمنهم جبريل الموكل بالوحي ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله. ومنهم ميكائيل الموكل بالمطر والنبات. ومنهم إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور. ومنهم ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومنهم ملك الجبال الموكل بها. ومنهم مالك خازن النار. ومنهم ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام. وآخرون موكلون بحفظ بني آدم. وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ ٣.وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من
_________
١ رواه البخاري في صحيحه (٤/١٤٠) بدء الخلق وكذا في تفسير سورة النجم (٦/١٧٦) ومسلم في صحيحه (١/١٥٨) الإيمان حديث ٢٨٠ـ٢٨٢ وانظر الفتح لابن حجر (٨/٦١٠) .
٢ رواه البخاري في صحيحه (١/١٩) الإيمان باب سؤال جبريل النبي ﷺ وكذا في تفسير سورة لقمان، ومسلم في صحيحه (١/٣٧) الإيمان حديث ١ - ٧ من حديث أبي هريرة وعمر ﵄ واللفظ لمسلم من رواية عمر ﵁.
٣ سورة ق، الآيتان: ١٧ - ١٨.
1 / 16
تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه، ف ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾ ١. ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة: ﴿يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ ٢.وقد أخبر النبي ﷺ: "أن البيت المعمور في السماء يدخله وفي رواية: يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم" ٣.
فصل: "الإبمان بالكتب " ... فصل ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتبا، حجة على العالمين ومحجة للعاملين، يعلمونهم بها الحكمة ويزكونهم. ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابا، لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ ٤. ونعلم من هذه الكتب: أ- التوراة التي أنزلها الله تعالى على موسى ﷺ، وهي أعظم كتب بني إسرائيل، ﴿فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ ٥. _________ ١ سورة إبراهيم، الآية: ٢٧. ٢ سورة الرعد، الآيتان: ٢٣ - ٢٤. ٣ هذا الحديث جزء من حديث قصة المعراج رواه البخاري في صحيحه (٤/١٣٤) بدء الخلق ومسلم في صحيحه (١/١٥٠) الإيمان حديث ٢٦٤ كلاهما من حديث مالك بن صعصعه ﵁ مرفوعًا. ٤ سورة الحديد، الآية: ٢٥. ٥ سورة المائدة، الآية: ٤٤.
فصل: "الإبمان بالكتب " ... فصل ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتبا، حجة على العالمين ومحجة للعاملين، يعلمونهم بها الحكمة ويزكونهم. ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتابا، لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ ٤. ونعلم من هذه الكتب: أ- التوراة التي أنزلها الله تعالى على موسى ﷺ، وهي أعظم كتب بني إسرائيل، ﴿فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾ ٥. _________ ١ سورة إبراهيم، الآية: ٢٧. ٢ سورة الرعد، الآيتان: ٢٣ - ٢٤. ٣ هذا الحديث جزء من حديث قصة المعراج رواه البخاري في صحيحه (٤/١٣٤) بدء الخلق ومسلم في صحيحه (١/١٥٠) الإيمان حديث ٢٦٤ كلاهما من حديث مالك بن صعصعه ﵁ مرفوعًا. ٤ سورة الحديد، الآية: ٢٥. ٥ سورة المائدة، الآية: ٤٤.
1 / 17
ب- الإنجيل الذي أنزله الله تعالى على عيسى ﷺ، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها: ﴿وَآتَيْنَاهُ الإنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ ١، ﴿وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾ ٢.
ج- الزبور الذي آتاه الله تعالى داود ﷺ.
د- صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام.
هـ- القرآن العظيم الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين: ﴿هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ ٣، فكان: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ ٤، فنسخ الله به جميع الكتب السابقة، وتكفل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ٥ لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين إلى يوم القيامة.
أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها، ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير، ولهذا لم تكن معصومة منه، فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ ٦ ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ ٧،
_________
١ سورة المائدة، الآية: ٤٦.
٢ سورة آل عمران، الآية: ٥٠.
٣ سورة البقرة، الآية: ١٨٥.
٤ سورة المائدة، الآية: ٤٨.
٥ سورة الحجر، الآية: ٩.
٦ سورة النساء، الآية: ٤٦.
٧ سورة البقرة، الآية: ٧٩.
1 / 18
﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ ١، ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ٢، ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَاب﴾ إلى قوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ ٣.
فصل: " الإيمان بالرسل" ... فصل: ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلًا: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ ٤. ونؤمن بأن أولهم نوح، وآخرهم محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ ٥، ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ ٦. وأن أفضلهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى بن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ _________ ١ سورة الأنعام، الآية: ٩١. ٢ سورة آل عمران، الآيتان: ٧٨ - ٧٩. ٣ سورة المائدة الآيتان: ١٥ - ١٧. ٤ سورة النساء، الآية: ١٦٥. ٥ سورة النساء، الآية: ١٦٣. ٦ سورة الأحزاب، الآية: ٤٠.
فصل: " الإيمان بالرسل" ... فصل: ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلًا: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ ٤. ونؤمن بأن أولهم نوح، وآخرهم محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ ٥، ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ ٦. وأن أفضلهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى بن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ _________ ١ سورة الأنعام، الآية: ٩١. ٢ سورة آل عمران، الآيتان: ٧٨ - ٧٩. ٣ سورة المائدة الآيتان: ١٥ - ١٧. ٤ سورة النساء، الآية: ١٦٥. ٥ سورة النساء، الآية: ١٦٣. ٦ سورة الأحزاب، الآية: ٤٠.
1 / 19
مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ ١.
ونعتقد أن شريعة محمد ﷺ حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل، لقوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه﴾ ٢.
ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: ﴿وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَك﴾ ٣.وأمر الله تعالى محمدًا وهو آخرهم أن يقول: ﴿لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَك﴾ ٤.وأن يقول ﴿لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلاّ مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ ٥.وأن يقول: ﴿إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾ ٦.
ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح: ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ ٧.وقال في آخرهم محمد ﷺ: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ ٨.وقال في رسل آخرين: ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي وَالأبْصَارِ﴾ ٩، ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الأيْدِ إِنَّهُ أَوَّاب﴾ ١٠، ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ ١١،
_________
١ سورة الأحزاب، الآية: ٧.
٢ سورة الشورى، الآية: ١٣.
٣ سورة هود، الآية: ٣١.
٤ سورة الأنعام، الآية: ٥٠.
٥ سورة الأعراف، الآية: ١٨٨.
٦ سورة الجن، الآيتان: ٢١ - ٢٢.
٧ سورة الإسراء، الآية: ٣.
٨ سورة الفرقان، الآية: ١.
٩ سورة ص، الآية: ٤٥.
١٠ سورة ص، الآية: ١٧.
١١ سورة ص، الآية: ٣٠.
1 / 20
وقال في عيسى بن مريم: ﴿إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائيلَ﴾ ١.
ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد ﷺ، وأرسله إلى جميع الناس، لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الآمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ ٢.
ونؤمن بأن شريعته ﷺ هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد دينا سواه، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ﴾ ٣، وقوله: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ ٤، وقوله: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ ٥.
ونرى أن من زعم اليوم دينا قائما مقبولًا عند الله سوى دين الإسلام من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما فهو كافر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدًا، لأنه مكذب للقرآن.
ونرى أن من كفر برسالة محمد ﷺ إلى الناس جميعا فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له، لقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ ٦، فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحا رسول. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ
_________
١ سورة الزخرف، الآية: ٥٩.
٢ سورة الأعراف، الآية: ١٥٨.
٣ سورة آل عمران، الآية: ١٩.
٤ سورة المائدة، الآية: ٣.
٥ سورة آل عمران، الآية: ٨٥.
٦ سورة الشعراء، الآية: ١٠٥.
1 / 21
هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا﴾ ١.
ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله ﷺ، ومن ادعى النبوة بعده أو صدّق من ادّعاها فهو كافر، لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين.
ونؤمن بأن للنبي ﷺ خلفاء راشدين خلفوه في أمته علما ودعوة وولاية على المؤمنين. وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة: أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، ﵃ أجمعين.
وهكذا كانوا في الخلافة قدرًا كما كانوا في الفضيلة، وما كان الله تعالى وله الحكمة البالغة ليولّي على خير القرون رجلًا وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.
ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فَضَله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.
ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله ﷿، لقوله تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ ٢.
ونؤمن بأن خير هذه الأمة: الصحابة، ثم التابعون، ثم تابعوهم، وبأنه: "لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله ﷿"٣.
_________
١ سورة النساء، الآيتان: ١٥٠ - ١٥١.
٢ سورة آل عمران، الآية: ١١٠.
٣ هذا طرف من حديث صحيح مرفوع، تقدم تخريجه في ص ٣٣.
1 / 22
ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة ﵃ من الفتن فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيبا كان له أجران، ومن كان منهم مخطئا فله أجر واحد، وخطؤه مغفور له.
ونرى أنه يجب أن نكفّ عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم: ﴿لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ ١وقول الله تعالى فينا: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ ٢.
فصل: " الإيمان باليوم الآخرة " ... فصل: ونؤمن باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء، إما في دار النعيم وإما في دار العذاب الأليم. فنؤمن بالبعث، وهو: إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلاّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ ٣، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلًا بلا ختان: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ ٤. _________ ١ سورة الحديد، الآية: ١٠. ٢ سورة الحشر، الآية: ١٠. ٣ سورة الزمر، الآية: ٦٨. ٤ سورة الأنبياء، الآية: ١٠٤.
فصل: " الإيمان باليوم الآخرة " ... فصل: ونؤمن باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء، إما في دار النعيم وإما في دار العذاب الأليم. فنؤمن بالبعث، وهو: إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلاّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ﴾ ٣، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلًا بلا ختان: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ ٤. _________ ١ سورة الحديد، الآية: ١٠. ٢ سورة الحشر، الآية: ١٠. ٣ سورة الزمر، الآية: ٦٨. ٤ سورة الأنبياء، الآية: ١٠٤.
1 / 23
ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾ ١، ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ ٢
ونؤمن بالموازين توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ ٣، ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ ٤، ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ ٥.
ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله ﷺ خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده حين يصيبهم من الهم والكرب مالا يطيقون، فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى، حتى تنتهي إلى رسول الله ﷺ.
ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين ليخرجوا منها، وهي للنبي ﷺ وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة. وبأن الله تعالى يخرج من النار أقواما من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.
ونؤمن بحوض رسول الله ﷺ، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، طوله شهر، وعرضه شهر، وآنيته
_________
١ سورة الإنشقاق، الآيتان: ٧ـ ١٢.
٢ سوورة الإسراء، الآيتان: ١٣ - ١٤
٣ سورة الزلزلة، الآيتان: ٧ - ٨.
٤ سورة المؤمنين، الآيات: ١٠٢ - ١٠٤.
٥ سورة الأنعام، الآية: ١٦٠.
1 / 24