The Constitution of Ethics in the Quran

Muhammad ibn Abdullah Daraz d. 1377 AH
39

The Constitution of Ethics in the Quran

دستور الأخلاق في القرآن

Publisher

مؤسسة الرسالة

Edition Number

العاشرة ١٤١٨ هـ

Publication Year

١٩٩٨ م

Genres

والبصيرة النافذة -غير خالق وجودها ذاته: ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ ١؟ فمن ذلكم النور اللانهائي يجب أن أقتبس نوري، وإلى ذلكم الضمير الأخلاقي المطلق يجب أن أتوجه لهداية ضميري: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ ٢. فبدلًا من أن نقول: "العقل المحض Raison transcendentale" -يجب أن نقول: "العقل العلوي raison transcendante"، وبدلًا من الاستناد إلى تجريد تصوري ذهني -يجب أن نلجأ إلى ذلكم الواقع المحس، الحي، العليم، الذي هو "العقل الإلهي"، فنور الوحي وحده هو الذي يمكن أن يحل محل النور الفطري؛ ذلك أن الشرع الإلهي الإيجابي هو الذي يجب أن يستمر، ويكمل الشرع الأخلاقي الفطري. وفي القرآن يسير العقل والنقل معًا، جنبًا إلى جنب، وهو ما يفهم من قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ٣. وفي قلب المؤمن يستقر نوران، على حين لا يجد الملحد سوى نور واحد، وهذا هو معنى رمز النور المزدوج في قوله تعالى: ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾ ٤. هل معنى ذلك أن علينا أن نفرق بين مصدرين مختلفين للإلزام الأخلاقي؟ كلا ... فنحن بالآحرى نراهما مستويين لمصدر واحد، أقربهما إلى الناس هو أقلهما نقاء، وذلك أن هذا النور المكمل ليس قريب المنال، ولا سلطان له

١ الملك: ١٤. ٢ البقرة: ٢١٦. ٣ الملك: ١٠. ٤ النور: ٢٥.

1 / 34