وإنما تكون السنة دليلًا على ناسخ القرآن ومنسوخه، وهو مذهب الشافعي، واستدل بقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ [البقرة: ١٠٦] فإن الفاعل في لفظ "نأت" يرجع إلى الله تعالى، فالناسخ هو كلام الله تعالى في القرآن، وإن الناسخ يكون خيرًا من المنسوخ أو مثله، والسنة ليست خيرًا من القرآن الكريم، وليست مثل كلام الله، لكن السنة تكون دليلًا على نسخ الحكم (١).
القول الثاني: أن السنة تنسخ حكمًا ورد في القرآن الكريم، وهو قول الجمهور والبيضاوي والإسنوي والغزالي والجويني من الشافعية.
واستدلوا على ذلك بوقوع النسخ فعلًا، مثل قوله ﷺ: "لا وصية لوارث" (٢) فإنها نسخت الوصية للوالدين في الآية الكريمة: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)﴾ [البقرة: ١٨٠] فالحديث نسخ الآية (٣)، والأمثلة على ذلك كثيرة في باب النسخ كما سيأتي في الجزء الثاني إن شاء الله تعالى.
وبعد بيان مراتب السنة بالنسبة إلى القرآن الكريم يتأكد لنا أن السنة