66

The Collapse of Secularism in Arab Journalism

تهافت العلمانية في الصحافة العربية

Publisher

دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م.

Publisher Location

المنصورة - مصر.

Genres

ولكن الدكتور بهذا التصرف في العبارات يصل إلى ما يريد في قوله: «إِنَّ الفِكْرَ يَحَارُ بِالفِعْلِ حَوْلَ الاِسْتِشْهَادِ بِتَجَارِبِ السُّودَانِ وَالبَاكِسْتَانِ وَإِيرَانَ، أَيُعْقَلُ أَنْ نَسْتَشْهِدَ بِمُمَارَسَاتِ هَذِهِ المُجْتَمَعَاتِ، وَهِي عَلَى مَا هِي عَلَيْهِ مِنْ فَوْضَى وَتَرَدِّي وَاِسْتِبْدَادٍ». ولا يوجد في سياق كلامي ما يدل على هذا، بل فيه أن قواعد الشريعة تدرس في المدارس والمعاهد، ويعلمها صبيان العلماء منذ خمسة عشر قرنًا من الزمان، وهذه البدهيات جعلت الشعوب الإسلامية تجمع في جميع الاستفتاءات على اختيار الشريعة الإسلامية. إنه بنفس المنطق رد الدكتور البغدادي بتاريخ ٢١/ ٤ فقال: «إِنَّ مَا يُرَدِّدُهُ الدُّكْتُورُ العُمَرُ لاَ يَقولُ بِهِ أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَكِلاَنَا لاَ يَعْنِي الاِسْتِشْهَادَ أَوْ التَّمَسُّكَ أَوْ الإِشَادَةَ بِالمُمَارَسَاتِ الاِسْتِبْدَادِيَّةَ فِي هَذِهِ المُجْتَمَعَاتِ مَعَ أَنَّ الاِسْتِبْدَادَ لَيْسَ مِنَ المُجْتَمَعَاتِ بَلْ مِمَّنْ بِيَدِهِمْ السُّلْطَةُ فِيهَا». ولكن الدكتور العمر يحلو له أن يجعل من أعمال بعض الحكام أو أكثرهم دليلًا على عدم صلاحية التشريع الإسلامي، ولعله يذكر أن مقاله في ١٦/ ٤ قد تضمن الاستشهاد بحكام بني أمية، ليدلل على أن الإسلام حكم فردي مطلق لا فصل فيه بين السلطات. خَامِسًا: الإِسْلاَمُ وَالفَصْلُ بَيْنَ السُّلُطَاتِ: ولقد ردد الدكتور في مقاله سالف الذكر أن «فِي نِظَامِ الحُكْمِ الإِسْلاَمِيِّ السُّلُطَاتُ الثَّلاَثُ التَّشْرِيعِيَّةُ وَالتَّنْفِيذِيَّةُ وَالقَضَائِيَّةُ جَمِيعُهَا مُنَاطَةٌ بِيَدِ حَاكِمٍ وَاحِدٍ فَرْدٍ، وَوَاحِدٌ مُنْفَرِدٌ لاَ يُحَاسِبُهُ أَحَدٌ وَيَفْعَلُ مَا يَشَاءُ». وسبق أن كرر ذلك في مقاله بتاريخ ٢٥/ ٣ / ١٩٨٤ وزاد أن مصير العلماء والمفكرين في الحكم الإسلامي يكون مرهونًا بمزاج الحاكم. ولا يخفى على أحد من المسلمين على الأقل أن التشريع في النظام الإسلامي ليس من اختصاص الحكام أو غيرهم، ومن ادعى الإسلام ثم طلب الاحتكام عند التنازع إلى غير القرآن والسنة قال الله عنه: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ﴾ (١). فكيف يكون التشريع في النظام الإسلامي بيد حاكم فرد وهو لا يملك ذلك، وقد سبق

(١) [النساء: ٦٠].

1 / 69