The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Publisher
دار ابن القيم بالإسكندرية
Genres
Unknown page
(١) كان عبد الله بن المقفع مجوسيًّا من أهل فارس، وكان يسمى روزبه بن داذويه، وأسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور، وأطلقوا على أبيه: المقفع - بفتح الفاء -؛ لأن الحجاج بن يوسف الثقفي كان قد استعمله على الخراج، فخان، فعاقبه حتى تقفعت يداه. وقيل: بل هو المقفع - بكسر الفاء -؛ نُسب إلى بيع القفاع وهي من الجريد كالمقاطف بلا آذان. وسنذكر ترجمة ابنِ المقفع بعدُ. وقد مات مقتولًا، واختلفوا في سبب مقتله والطريقة التي قُتل بها وفي سنة وفاته أيضًا، ومهما يكن من أمر فإنا لا نسلم أبدًا لمن قال: إنه قُتل على الزندقة! واستدل بما أورده العلامة ابن كثير ﵀ في "البداية والنهاية" [(ج١٠/ ص٧٨) ط/ مكتبة الصفا] عن المهدي قال: «ما وجد كتاب زندقة إلا وأصله من ابن المقفع، ومطيع بن إياس، ويحيى بن زياد» قالوا: ونسي الجاحظ، وهو رابعهم!!» ا. هـ نقول: أما "فلانٌ" وأمثالُه مِنَ الحَوَاقِّ فعسى، وأما ابن المقفع فلا؛ فَكُتُبُهُ بين أيدينا تكاد تنطق قائلة: «وايم الله! إنَّ صاحبي لبريء مما نُسب إليه»!. وليت شعري كيف ساغ لفلان وفلان وفلان ممن ترجموا للرجل أن يجزموا بذلك، وكلهم قد صَفِرَت يَدُهُ من البرهان؟ إنْ هي إلا تهمة تناقلوها بدون بيان. وقِدْمًا اتهموا أبا العلاء المعري بذلك حتى قيض الله له مِن جهابذة المتأخرين مَن أثبت بالدليل الساطع والبرهان القاطع براءته. فتبصروا رحمكم الله.
1 / 5
(١) يقال: فلان طلاع الثنايا: إذا كان يعلو الأمور فيقهرها بمعرفته وتجارِبه وجودة رأيه. (٢) توجد عبارات أفادها ابن المقفع ممن كان قبله ودونها كما صرح هو بذلك، والعلم رحم بين أهله، وهاك مثالًا واحدًا، قوله: «وَعَلَى الْعَاقِلِ - مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى نَفْسِهِ - أَنْ لاَ يَشْغَلَهُ شُغْلٌ عَنْ أَرْبَعِ سَاعَاتٍ: سَاعَةٍ يَرْفَعُ فِيهَا حَاجَتَهُ إِلَى رَبِّهِ، وَسَاعَةٍ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ، وَسَاعَةٍ يُفْضِي فِيهَا إِلَى إِخْوَانِهِ وَثِقَاتِهِ الَّذِينَ يَصْدُقُونَهُ عَنْ عُيُوبِهِ وَيَنْصَحُونَهُ فِي أَمْرِهِ، وَسَاعَةٍ يُخلي فِيهَا بَيْنَ نَفْسِهِ وَبَيْنَ لَذَّتِهَا مِمَّا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ ... وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لاَ يَكُونَ رَاغِبًا إِلاَّ فِي إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ، أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مَحْرَمٍ». فهذا الكلام رواه الحافظ ابن أبي الدنيا ﵀ في كتاب "محاسبة النفس" رَقْم (١٢) بسنده عن وهب بن منبه قال: «مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ...» فذكره بنحوه. ورواه ابن حبان في "صحيحه" (٣٦٢ - إحسان) (٩٤ - موارد الظمآن)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" [(ج١/ص١٥٨ - ١٦٠/رقم٥٥١) ط/ مكتبة الإيمان]، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢/ ١٥٧) رقم (١٦٥١) في أثناء حديث طويل عن أبي ذر الغفاري ﵁ مرفوعًا، وفيه: «أن صحف إبراهيم ﵇ كانت أمثالًا كلها .. وفيها: على العاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقله ....» فذكره بلفظ مقارب، وسنده ضعيف جدًّا. كما أنَّ هناك عباراتٍ كثيرةً اقتبسها ابنُ المقفع من "كليلة ودمنة". هذا، وحسبك دلالةً على نفاسة كتاب ابن المقفع هذا أن كثيرًا من العلماء البلغاء الأكابر قد بثوا حِكَمه في مصنفاتهم وإن لم يصرحوا باسمه، منهم الحافظ ابن حبان ﵀ في كتابه الماتع "روضة العقلاء "، والعلامة شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي الشافعي في "المستطرف في كل فن مستظرف".
1 / 6
(١) النسخة الأم هي نسخة المرحوم العلامة طاهر الجزائري [ونرمز لهذه النسخة بالحرف (ط)]، وهو الذي أخرج الكتاب للنور بعد أن كان كامنًا قرونًا عددًا. ويتلوها نسخة أحمد زكي باشا [ونرمز لهذه النسخة بالحرف (ك)]، وقد طبعتها جميعة العروة الوثقى الخيرية الإسلامية بمطبعة مدرسة محمد علي الصناعية سنة ١٣٢٩هـ = ١٩١١م، بعد أن قررت نظارة المعارف العمومية تدريس هذا الكتاب في جميع مدارسها الابتدائية. يقول الشيخ طاهر في تصديره للكتاب: «لما ذهبت إلى مدينة بعلبك سنة ١٢٢٣ هـ رأيت عند بعض الأفاضل الواردين عليها مجموعًا استعاره من بعض أعيانها، فرأيت فيه الضالة المنشودة وهي رسالة "الأدب الصغير" لعبد الله بن المقفع الكاتب الذي يُضرب ببلاغته المثل، فكتبتها بخطي في نحو يوم وأرجو أن يتيسر لنشرها مَن عُرف بحسن الطبع ليعم بها النفع». ثم استعان الشيخ طاهر بالنقادة محمد أفندي كرد علي الدمشقي فنشرها في مجلته العربية الطائرة الصيت أيام كان يصدر "الْمُقْتَبَس" بمدينة القاهرة. قال أحمد زكي باشا: «فجاءت وفيها شيءٌ كثير من أوجه النقص لعدم وجود نسخة ثانية للتصحيح، ولعدم تيسر الوقت الكافي للعناية بها كما هي أهله. ولقد استخدمتها ورجعت إليها في بعض الكلمات، فلصاحبيها فضل السبق، ولهما نصيب من الشكر». وأقول: ولقد عثرت على النسختين وغيرهما، والكل تبع لهما وفروع عنهما، وكلفني ضبط النص عَرَقًا من القِرْبَةِ، وإن كان العلامة أحمد زكي قد سبقني إلى ذلك، ولكن وقع في نسخته هنات في الضبط وسقط في النص، وقد خالف الشيخَ طاهرًا في بعض الكلمات وظنها تحريفًا أو تصحيفًا، والصواب في بعضها مع الشيخ طاهر. رحمهما الله وغفر لهما.
1 / 7
1 / 8
(١) أي: جعل لكل فِقْرَةٍ مِن فِقَرِهِ عُِنْوَانًا. فالعلوان هو: العُِنْوان. (٢) حديث صحيح: أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (ج٢/ص٣١٨)، والإمام البخاري في "الأدب المفرد" (٢٧٣)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (ج٢/ص٣١٦)، والبيهقي في "السنن الكبير" (ج١٠ص١٩١ - ١٩٢) وغيرُهم من حديث أبي هريرة ﵁. (٣) انظر كتابنا "المنتخب مِن وصايا الآباء للأبناء".
1 / 9
1 / 10
1 / 11
1 / 12
1 / 13
1 / 14
(١) اضطربَتِ الأقوالُ فِي وَاضِعِ "كليلة ودمنة" مَنْ هُوَ؟ والأصح مَا رجحه الإمامُ الذَّهَبِيُّ هنا مِنْ أنه هنديُّ الأصلِ، وَضَعَهُ الفَيْلَسُوفُ الهِنْدِيُّ بَيْدَبَا لِدَبْشَلِيمَ مَلِكِ الهِنْدِ. ثم تَرْجَمَهُ مِن الهِنْدِيَّةِ إلى الفَارِسيةِ (الفهلوية): بَرْزَوَيْهِ بْنُ أَزْهَرَ رأسُ أطباءِ فارسَ بِأَمْرِ كِسْرَى أَنوشِرْوَانَ بْنِ قُبَاذَ بْنِ فَيْرُوزَ ملكِ الفرسِ. ثم ترجمه للعربية عبد الله بنُ المقفع وزاد فيه. والأدلة على ذلك كثيرة، منها: أن الإمام ابن قتيبة ﵀ ينقل منه في "عيون الأخبار" ويقول: «قرأت في كتاب للهند ...». وقال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ [المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين] في الرسالة الرابعة من "مجموع رسائله" (كتاب فخر السودان على البيضان) وهو يعدد فضائل الهند وهم من السودان: «ولهم خط جامع لحروف اللغات، وخطوط أيضًا كثيرة، ولهم شعر كثير، وخطب .. . وعنهم أُخذ كتاب "كليلة ودمنة ". ولهم رأي ونجدة، وليس لأحد من أهل الصبر ما لهم». هذا، ونحن الآن بصدد تحقيق كتاب "كليلة ودمنة" بعد أن عثرنا له على مخطوطة نفيسة يتيمة. وقد أشرفنا على الانتهاء منه.
1 / 15
1 / 16
1 / 17
1 / 19
(١) الرَّيْع - بفتح الراء: النَّمَاءُ والزِّيادةُ. (٢) غَارَ الْمَاءُ غَوْرًا وغُؤورًا: أي: سَفَلَ في الأرضِ. (٣) اكتَنَّ الشيْءُ واستكَنَّ: أي: استتر، والْكِنُّ - بكسر الكاف: السُّتْرة.
1 / 21
(١) القَلائِد: جمع قِلاَدَة، وهي: ما يُجْعَلُ في العُنُقِ مِنْ حَلْيٍ وَنَحْوِهِ. (٢) السِّمْط: الخَيْطُ ما دام فيه الْخَرَزُ، وإِلاَّ فهو سِلْكٌ، و: خَيْطُ النَّظْمِ لأنه يُعَلَّقُ، وقيل: هي قِلادة .. وجمعه: سُمُوطٌ. (٣) الإِكْلِيلُ: شِبْه عِصَابَةٍ تُزَيَّنُ بالْجَوْهَرِ. ويُسَمَّى التاجُ إِكْليلًا. (٤) في بعض النسخ: [صَائِغًا].
1 / 22
(١) أي: ضَعْفًا وَنَقْصًا. (٢) يقال: غَمَطَ فلانٌ فلانًا غَمْطًا: أي: اسْتَصْغَرَهُ وَاحْتَقَرَهُ. وفي الحديث الذي أخرجه الإمامُ مسلمُ بْنُ الحجاجِ ﵀ في "صحيحه" (ج٢/ ٨٨ - ٨٩/نووي): «الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ» أي: احتقارهم وازدراؤهم. وفي نسخة "للأدب الصغير": [ولا بغائضه]. (٣) في نسخة "ك": [وَالاعْتِيَادُ]. (٤) في "ك": [وَحُسْنُ الرَّعْيِّ]. (٥) في "ك": [فَإِنَّهَا تُبْلِغُ الْمَرْءَ مَبْلَغَ الْفَضْلِ ... إلخ]. (٦) في "ك": [ولا تُدْرَكُ لَهُمْ بُغْيَتُهُمْ وَنَفَاسَتُهَا فِي أَنْفُسِهِم دُونَ .. إلخ].
1 / 23
(١) الدَّرَك - بالتحريك: اسمٌ مِنَ الإِدْرَاكِ مثل اللَّحَق. والدَّرْكُ: اللَّحَاقُ والوصولُ إلى الشيء وبلوغه. يقال: أدركته إِدْراكًا ودركًا. (٢) انظر الحاشية رقم (١٠٥). (٣) الْكَدُّ: الشدة في العمل وطلب الرزق، والإلحاحُ في محاولة الشيء. (٤) الرَّمَق - بفتحتين: بقية الروح. وقد يُطلق على القوة.
1 / 24
(١) الصَّقْلُ: الْجِلاَءُ. وصَقَلَ الشيْءَ يَصْقُلُهُ صَقْلًا وصِقَالًا، فهو مَصْقُولٌ وَصَقِيلٌ: جَلاَهُ. والاسم: الصِّقَالُ. (٢) رَامَ الشيْءَ يَرُومُهُ رَوْمًا ومَرَامًا: أي: طَلَبَهُ. (٣) الْعَتَادُ: الْعُدَّة، يقال: أَخَذَ للأمرِ عُدَّتَهُ وَعَتَادَهُ، أي: أُهْبَتَهُ وَآلَتَهُ. (٤) الْمَعْجَِزَةُ بفتح الجيم المعجمة وكسرها، مِنَ الْعَجْزِ وهو الضعف. قال الجوهري في "الصحاح": «تقول: عَجَزْتُ عن كذا أَعْجِزُ بالكسر عَجْزًا وَمَعْجِزَةً وَمَعْجَزَةً وَمَعْجِزًا وَمَعْجَزًا بالفتح أيضًا على القياس».
1 / 25