Al-sīra al-nabawiyya: Manhajiyyat dirāsatihā wa-istirāḍ ḥadathihā
السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها
Publisher
دار ابن كثير
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٠ هـ
Publisher Location
دمشق
Genres
النبوية المطهرة والسيرة النبوية الشريفة، تبينها وتوضحها وتمثلها.
* الصحابة أئمة ومثل وهم بالرسول ﷺ مقتدون:
ولو أخذت أيّة شريحة من الأحداث والأشخاص تجد عجبا، وفي أشد الأوقات وأصعب الأمور والوقائع، ومع ذلك نجد الرسول الكريم ﷺ أولهم وأكثرهم وأبعدهم احتمالا من أشدهم، وهذا في كل الصفات. فكان رسول الله ﷺ أسرعهم وأنجدهم وأشجعهم وأكرمهم وأورعهم وأعبدهم لله رب العالمين. ويروى عن أنس بن مالك ﵁ قوله: (كان رسول الله ﷺ أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس. ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله ﷺ راجعا وقد سبقهم إلى الصوت (وقد استبرأ الخبر) وهو على فرس لأبي طلحة ﵁ عري، ما عليه سرج، في عنقه السيف، وهو يقول: «لم تراعوا، لم تراعوا، ما رأينا من شيء وجدناه لبحرا» «١»، فكان بعد ذلك لا يجارى!!!
(١) أخرجه الشيخان (البخاري ومسلم) . البخاري: كتاب الهبة، باب من استعار من الناس الفرس، رقم (٢٤٨٤)، (٢/ ٩٢٦) . ومسلم: رقم (٢٥٢٦) . كذلك: الترمذي، أرقام (١٦٨٥- ١٦٨٧) . (جامع الأصول، رقم ٨٨١٨، ١١/ ٢٤٧) . انظر: حياة الصحابة، (٢/ ٦٠٩) . تجد هناك أمثلة كثيرة، حيث يتحدث العديد من الصحابة عن صفات رسول الله ﷺ والتي منها في الغزوات. فيروي العديد منهم قولهم: كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله ﷺ. وعند أحمد والبيهقي عن علي بن أبي طالب ﵁ قال: لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله ﷺ، وكان أشد الناس بأسا. كما كان أقربهم إلى العدو. انظر: البداية والنهاية، (٦/ ٣٧) . حياة الصحابة، (٣/ ٦١٠) . «لبحر (بحر)»: واسع الجري. «استبرأ الخبر»: كشفه وحقق أمره. وكانت هذه الفرس لأبي طلحة. وهو زيد بن سهل الأنصاري (٣٤ هـ) . وهو زوج أم سليم أم أنس بن مالك، وكان مهرها إسلامه. شهد العقبة الثانية (وكان أحد نقباء الأنصار الاثني عشر) وشهد المشاهد كلها مع رسول الله ﷺ وكان يعد من خيار المسلمين، معروف المواقف والمحبة لرسول الله ﷺ. وكان راميا شديد النزع. وكان
1 / 234