وفيه عن أبي هريرةرضي الله عنهقال: " قام
الموت، إذ لو قبلت الدعوة عليهم، وطردوا عن الرحمة، لم يبق إلا العذاب.
ولكن النبي ﷺ ليس له من الأمر شيء، فالأمر كله لله، ولهذا هدى الله هؤلاء القوم، وصاروا من أولياء الله الذابين عن دينه، بعد أن كانوا من أعداء الله القائمين ضده، والله- سبحانه- يمن على من يشاء من عباده.
وليس بعيدا من ذلك قصة أصيرم بن عبد الأشهل١ الأنصاري، حيث كان معروفا بالعداوة لما جاء به الرسول ﷺ فلما جاءت وقعة أحد ألقى الله الإسلام في قلبه دون أن يعلم به النبي ﷺ أو أحد من قومه، وخرج للجهاد وقتل شهيدا، فلما انتهت المعركة جعل الناس يتفقدون قتلاهم، فإذا هو في آخر رمق، فقالوا: ما جاء بك يا فلان؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فأخبروا عني رسول الله ﷺ فأخبروه، فقال: " هو من أهل الجنة " فهذا الرجل لم يصل لله ركعة واحدة، ومع هذا جعله الله من أهل الجنة، فالله حكيم يهدي من يشاء لحكمة، ويضل من يشاء لحكمة، فالمهم أننا لا نستبعد رحمة الله- ﷿ من أي إنسان.
قوله: "قام": أي: خطيبا.
١ رواه: ابن هشام (٢/٩٠)، وأحمد في "المسند" (٥/٤٢٨، ٤٢٩) . وفي "حاشية زاد المعاد" (٣/٢٠١): "وسنده قوي".