The Basics of Sunnah and Its Jurisprudence - The Prophetic Biography
الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية
Publisher
دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
Edition Number
الطبعة الثالثة
Publication Year
١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م
Genres
من هذا العرض المختصر ندرك الجهود الهائلة التي بذلتها الأمة الإسلامية في خدمة سنة نبيها ﷺ حتى تبقى غضة طرية متميزة عما سواها، معلمًا للهداية الربانية، فإذا ما ألقيت نظرة على كتب مصطلح الحديث تجد الدقة العلمية في البحث بما لا تطال العقول أرفع منه، ولا تحكم العقول بأن هناك أكثر منهجية في الوصول إلى الحق الخالص منه، فهناك قواعد لجرح وتعديل الرواة، وهناك قواعد تُسيرُ بها المتون.
وكأثر عن هذا كله ميز العلماء بين أكثر من خمسين نوعًا من أنواع الأحاديث كلها متفرعة عن دراسة السند والمتن، وكل ذلك في النهاية للوصول إلى ما تبنى عليه الأحكام من المرويات، كالأحاديث المتواترة لفظًا ومعنى، أو معنى فقط، والأحاديث الصحيحة والحسنة، ومن أجل ذلك كتبوا كل رواية لأن الروايات الضعيفة يمكن أن يكون لها دخل في تحسين حديث أو في تصحيحه، واقتضى ذلك منهم جهودًا كبيرة، حتى إن الإمام أحمد كان يحفظ مليون حديث بأسانيدها ومتونها، وهذا يعني بالضرورة أنه دخل كثيرون من الرجال تحت أشعة رصده، فإذا ما عرفنا أن تشعب الروايات يكثر كلما تطاول الزمن أدركنا كم من الجهود بذلت في خدمة السنة النبوية. ومن أجل الوصول إلى هذا الجوهر كم وجدت من دراسات وتوضعت من قواعد، ويكفي أن تقرأ كتابًا في مصطلح الحديث حتى تدرك جلل ما تذكره لك.
فمن أجل تمحيص الرواية وُجدتْ علوم كعلم الوفيات وسني الولادة، ووجدت دراسات مستوعبة عن كل راوٍ، عن عقيدته وسلوكه وصدقه وكذبه وعن عوامل الجرح أو التعديل في حياته، ومن أجل المتن وجدت علوم كعلم المقارنة بين المتون لمعرفة العلل والشذوذ، ولمعرفة الناسخ والمنسوخ، وتوضعت نتيجة لذلك مصطلحات.
ثم كان علم أصول الفقه هو العلم المكمل بالنسبة للسنة النبوية، إذ أنه هو العلم الذي تحدث عن محل السنة بالنسبة لأصول التشريع الأربعة الرئيسية وهي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وهو الذي تحدث عن قوة إلزامية السنة بحسب كونها متواترة أو صحيحة أو حسنة أو غير ذلك، وهو الذي وضع القواعد التي تجمع بين النصوص بعضها مع بعض وبين
1 / 23