الفَصَْلُ الخَامِسُ: السُنَّةُ مَعَ مَنْ يُنْكِرُ حُجِيَّةَ خَبَرِ الآحَادِ:
يقسم علماء الحديث الأخبار إلى قسمين:
متواترة، وهي ما يرويها جمع من العدول الثقات عن جمع من العدول الثقات وهكذا حتى النَّبِيِّ ﷺ.
وآحاد، وهي ما يرويه الواحد أو الاثنان عن الواحد أو الاثنين حتى يصل إلى النَّبِيِّ ﷺ، أو ما يرويه عَدَدٌ دُونَ المتواتر.
وللحنفية قسم ثالث يسمى «المَشْهُورُ» وهو ما كان آحاد الأصل متواترًا في القرن الثاني والثالث (١) كحديث «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».
واتفق العلماء على أنَّ المتواتر يفيد العلم والعمل معًا، وهو عندهم حُجَّةٌ لا نزاع فيها إِلاَّ ما قدمناه عَمَّنْ ينكر حُجِيَّةَ السُنَّةِ وإِلاَّ ما يذكر عن النَّظَّامِ ومن شابهه.
أما خبر الآحاد فالجمهور على أنها حُجَّةٌ يجب العمل بها وإن أفادت الظن، وَادَّعَى الرازي في " المحصول " إجماع الصحابة على ذلك (٢) وذهب قوم، منهم الإمام أحمد، والحارث بن أسد المحاسبي، والحُسَيْن بن علي الكرابيسي، وأبو سليمان الخطابي وروي عن مالك (٣) أَنَّهُ قَطْعِيٌّ. موجب للعلم والعمل معًا. ولكل من الفريقين أدلة بسطت في
(١) " التحرير وشرحه ": ٢/ ٢٣٥.
(٢) " المحصول " للرازي: (مخطوط).
(٣) " الإحكام " لابن حزم: ١/ ١٠٨.