The Authentic and Confirmed Narrations from the Companions on Asceticism, Softening the Heart, Ethics, and Morals
الصحيح المسند من آثار الصحابة في الزهد والرقائق والأخلاق والأدب
Genres
١٣ - قال ابن أبي شيبة في المصنف [٣٥٥٩٢]:
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ نُعَيْمَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ فَأَخْرَجَ إلَيَّ صَحِيفَةً فَإِذَا فِيهَا:
مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: سَلاَمٌ عَلَيْك أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّا عَهِدْنَاك وَأَمْرُ نَفْسِكَ لَك مُهِمٌّ، وَأَصْبَحْت وقَدْ وُلِّيت أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَحْمَرِهَا وَأَسْوَدِهَا، يَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيْك الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ، وَلِكُلٍّ حِصَّتُهُ مِنَ الْعَدْلِ فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ يَا عُمَرُ، فَإِنَّا نُحَذِّرُك يَوْمًا تَعَنْو فِيهِ الْوُجُوهُ، وَتَجِفُّ فِيهِ الْقُلُوبُ، وَتُقْطَعُ فِيهِ الْحُجَجُ مَلكٌ قَهْرَهُمْ بِجَبَرُوتِهِ وَالْخَلْقُ دَاخِرُونَ لَهُ، يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عِقَابَهُ، وَإِنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سَيَرْجِعُ فِي آخِرِ زَمَانِهَا: أَنْ يَكُونَ إخْوَانُ الْعَلاَنِيَةِ أَعْدَاءَ السَّرِيرَةِ، وَإِنَّا نَعُوذَ بِاللهِ أَنْ يَنْزِلَ كِتَابُنَا إلَيْك سِوَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَ مِنْ قُلُوبِنَا، فَإِنَّا كَتَبْنَا بِهِ نَصِيحَةً لَك وَالسَّلاَمُ عَلَيْك.
فَكَتَبَ إلَيْهِمَا:
مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُمَا أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّكُمَا كَتَبْتُمَا إلَيَّ تَذْكُرَانِ أَنَّكُمَا عَهِدْتُمَانِي وَأَمْرُ نَفْسِي لِي مُهِمٌّ وَأَنِّي قَدْ أَصْبَحْت قَدْ وُلِّيت أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَحْمَرِهَا وَأَسْوَدِهَا، يَجْلِسُ بَيْنَ يَدِي الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ، وَلِكُلٍّ حِصَّةٌ مِنْ ذَلِكَ.
وَكَتَبْتُمَا فَانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ عِنْدَ ذَلِكَ يَا عُمَرُ، وَإِنَّهُ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ عِنْدَ ذَلِكَ لِعُمَرَ إِلاَّ بِاللهِ، وَكَتَبْتُمَا تُحَذِّرَانِي مَا حُذِّرَتْ بِهِ الأُمَمُ قَبْلَنَا.
وَقَدِيمًا كَانَ اخْتِلاَفُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِآجَالِ النَّاسِ يُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيدٍ وَيُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ وَيَأْتِيَانِ بِكُلِّ مَوْعُودٍ حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ.
وكَتَبْتُمَا تَذْكُرَانِ أَنَّكُمَا كُنْتُمَا تُحَدِّثَانِ، أَنَّ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سَيَرْجِعُ فِي آخِرِ زَمَانِهَا: أَنْ يَكُونَ إخْوَانُ الْعَلاَنِيَةِ أَعْدَاءَ السَّرِيرَةِ، وَلَسْتُمْ بِأُولَئِكَ، لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِ ذَلِكَ، وَإِنَّ ذَلِكَ زَمَانٌ تَظْهَرُ فِيهِ الرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ، تَكُونُ رَغْبَةُ بَعْضِ النَّاسِ إِلَى بَعْضٍ لِصَلاَحِ دُنْيَاهُمْ، وَرَهْبَةُ بَعْضِ النَّاسِ مِنْ بَعْضٍ.
كَتَبْتُمَا بِهِ نَصِيحَةً تَعِظَانِي بِاللهِ أَنْ أُنْزِلَ كِتَابَكُمَا سِوَى الْمَنْزِلِ الَّذِي نَزَلَ مِنْ قُلُوبِكُمَا، وَأَنَّكُمَا كَتَبْتُمَا بِهِ وَقَدْ صَدَقْتُمَا فَلاَ تَدَعَا الْكِتَابَ إلَيَّ فَإِنَّهُ لاَ غِنَى لِي عَنْكُمَا وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا.
أقول: نعيم لم يدرك هؤلاء الصحابة، ولكن يبدو أنها وجادة صحيحة وجدوها بخطهم.
1 / 63