176

Fan al-maqāl al-ṣaḥafī fī adab Ṭāhā Ḥusayn

فن المقال الصحفي في أدب طه حسين

Publisher

الهيئة المصرية العامة للكتاب

Edition Number

-

Genres

اليومية والمجلات اليسيرة والجمهور القارئ الضخم والمواصلات السريعة، وكل هذا سيعرض الأدب والأدباء -وقد أخذ يعرِّضُهم بالفعل- لمحنة قاسية، فسيلتجئ الراديو والصحف والمجلات إلى الأدباء، وسيتعجلهم في الإنتاج، وسيضطرهم إلى السرعة، وسيحول بينهم وبين الآناة التي تمكنهم من التجويد"١.
وتأسيسًا على هذا الفهم وجدنا فنَّ العمود الصحفي في مقال طه حسين يلائم بين هذا كله، فيؤثر الفن بالإنتاج الهادئ البطيء الذي يحتفل به ويفرغ لتجويده ويذيعه في الناس متى أراد، ويقدِّم إلى الجمهور من طريق الصحف فن العمود الذي مهما يكن من "يسره، فلن يكون من الرخص والابتذال بحيث يصبح خطرًا على الجمهور٢ "لأنه يقوم على أداء وظائف اجتماعية، كانت هي الأصل في ابتداعه كما تَقَدَّمَ. ذلك أن المقال الصحفي في أدب طه حسين على إطلاقه يسعى إلى أن يكون "مرآة صافية رائعة لحياة الشعب، يرى فيها الشعب نفسه، فيحب منها ما يحب، ويبغض منها ما يبغض، ويدفعه حبه إلى التماس الكمال، ويدفعه بغضه إلى التماس الإصلاح"٣.

١، ٢ المرجع نفسه ص٣٢.
٣ المرجع نفسه ص٣٢.
خصائص العمود الصحفي:
ومقال العمود حديث شخصي يومي أو أسبوعي "كما في حديث الأربعاء"، لكاتب معين يوقعه باسمه وتحت عنوان ثابت١ مثل: "حديث الأربعاء" في العمود الأسبوعي المتخصص، و"جنة الشوك" عند طه حسين، والعمود الصحفي عبارة عن فكرة أو رأي أو خاطر من الخواطر يَرِدُ على ذهن الكاتب، وكثيرًا ما كان هذا الرأي أو الخاطر يدور حول واقعة أو ظاهرة وقع عليها نظر المحرر في المحيط الذي يعيش فيه. ومعنى ذلك أن العمود الصحفي في بداية الأمر كاد لا يتعدَّى المحيط الاجتماعي٢، على أننا نجد أن العمود الصحفي عند طه حسين يتجاوز المحيط الاجتماعي إلى المحيطين السياسي والثقافي كذلك، ذلك أن الغاية الأساسية من هذا الفن المقالي هي ربط القارئ بالكاتب وبالصحافة؛ لإرشاده وتسليته وتثقيفه بمادة خفيفة الظل، ويُعْتَبَرُ العمود رأيًا شخصيًّا وكتابته ذاتية. ولذلك نرى كاتب العمود يختلف أحيانًا في وجهة نظره عن سياسة الصحيفة في موضوع معين، ولا غبار عليه في إنتاج هذه الخطة.
غير أن بعض علماء الصحافة مثل "ليبلنج A. J. Liebling" يذهب إلى أن

١ د. عبد العزيز شرف: فن المقال الصحفي، مرجع سبق.
٢ الدكتور عبد اللطيف حمزة: مرجع سبق ص٢٣٣.

1 / 188