نظيره للتعليل لم يكن بعيدًا كأن خرج الوصف مخرج الغالب كما في قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ﴾ ١، فذكر الوصف وهو الكون في الحجر مع الحكم، وهو التحريم إنما هو لمراعاة الغالب لأن الغالب في الربيبة كونها تتربى كذلك، وليس المراد به التعليل.
ومخرج أيضًا لما عدا الإيماء من طرق العلية لأن المفيد للعلية فيها شيء آخر، كالنص أو المناسبة أو السبر أو غيرها٢.
هذا وقد اتفق الأصوليون على أن الوصف والحكم إن كانا مذكورين فإيماء باتفاق، وإن كان مستنبطين فليس بإيماء باتفاق، وإن كان أحدهما مذكورًا دون الآخر بأن ذكر الوصف، وكان الحكم مستنبطًا منه غير مصرح به، أو العكس ففيه ثلاثة مذاهب:
الأول: أنه إيماء بناء على أن الإيماء اقتران الوصف والحكم وإن كان أحدهما مقدرًا تنزيلًا للمستنبط منزلة الملفوظ، فيقدمان عند التعارض على المستنبطة بلا إيماء.
الثاني: ليس شيء منهما بإيماء، بناء على أنه لا بد من ذكرهما ليتحقق الاقتران بالجمع بينهما لأن انفراد أحدهما لا يحقق الاقتران.
الثالث: إن كان الوصف ملفوظًا، والحكم مستنبطًا، فإيماء أما إذا كان الحكم منصوصًا والوصف مستنبطًا، فليس بإيماء لجواز أن يكون الوصف أعم من الحكم فلا يستلزمه لأنه يوجد بدونه تحقيقًا لمعنى الأعمية وهو كثير، ومنه أكثر العلل المستنبطة.
مثال ما كان الوصف منصوصًا، والحكم مستنبطًا، قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ﴾ ٣ فإن اللفظ بصريحه يدل على الحل، والصحة مستنبطة منه.
١ سورة النساء آية: ٢٣.
٢ انظر: تعليقات د. عثمان مريزيق على القياس، وأصول الفقه لأبي النور زهير ٤/٦٩.
٣ سورة البقرة آية: ٢٧٥.