Manhaj al-Qurṭubī fī dafʿ mā yutawaham taʿāruḍihi min al-āyāt fī kitābih al-Jāmiʿ li-aḥkām al-Qurʾān
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Genres
أهَمِّيَّة دِراسَتِه:
١ - بَيَان وُجُوه إعْجَاز القُرْآن (^١) مِمَّا قد يُظَنّ أنّه تَعارُض وهو وَجْه مِنْ وُجوه بَيَان القرآن، وأمْثِلَتُه كَثِيرَة، فمن ذلك: التَّعْبِير بِحَرْف دُون آخَر، في مَوْضِع دُون آخَر، كَالتَّعْبِير عن "مَكَّة" مرّة بِالبَاء: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) [آل عمران: ٩٦] ومَرَّة بِالْمِيم: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ) [الفتح: ٢٤]، وذلك أنَّ البَّكّ مأخُوذ مِنْ الزِّحَام (^٢)، فالتَّعْبِير جَاء بِالبَاء (بَكَّة) في ذِكْر الْحَجّ، وهو أشَدّ ما يَكُون مِنْ الزَّحَام فيها، وبِالْمِيم (مكَّة) في غير ذلك. وقِيل غير ذلك (^٣).
والأمْثِلَة على ذَلك كَثيرة جِدًّا، وقد اعْتَبَرَها بَعض الْجَهَلَة مِنْ أعدَاء الإسْلام مِنْ قَبِيل التَّناقُض! وهي وَجْه مِنْ وُجُوه إعْجَاز القُرْآن وكَمَال بَيَانِه.
٢ - دَفْع تَوَهُّم التَّعَارُض، وإزَالَة مَا قد يَعْلَق بِبعض الأذْهَان من إشْكَال، ودَحْض كُلّ شُبْهَة تَتعَلَّق بالقرْآن ورسْمِه وبَيَانِه.
"وإنَّمَا سُمِّيَت الشُّبْهَة شُبْهَة؛ لاشْتِبَاه الْحَقّ بِالبَاطِل فِيها، فَإنَّها تَلْبَس ثَوْب الْحَقّ على جِسْم البَاطِل! وأكْثَر النَّاس أصْحَاب حُسْنِ ظَاهِرٍ، فَيَنْظُر النَّاظِر فِيمَا أُلْبِسَتْه مِنْ اللبَاس فَيَعْتَقِد صِحَّتها" (^٤).
ولذلك "ألَّف النَّاس في رَفْع التَّنَاقُض والاخْتِلاف عن القُرْآن والسُّنَّة كَثِيرًا" (^٥).
٣ - إيضَاح أوْجُه الْجَمْع بَيْن الآيَات، وبَيَان فُنُون الكِتَاب العَزيز، مِنْ عَامّ وخَاصّ، ومُحْكَم ومُتشَابِه، ونَاسِخ ومَنْسُوخ، وتَقْدِيم وتَأخِير، ومَا يَتَعلَّق باخْتِلاف الْمُناسَبَات والأحْوَال؛ إلى غير ذلك مِمَّا يُزِيل اللبْس الذي قد يَنْشَأ عند كَثِير مِنْ النَّاس.
(^١) انظر: مُعْتَرَك الأقران، مرجع سابق (١/ ٩٤).
(^٢) انظر: لسان العرب، مرجع سابق (١٠/ ٤٠٢).
(^٣) انظر: مُعْتَرَك الأقران، مرجع سابق (١/ ٦٢٣).
(^٤) مفتاح دار السعادة، مرجع سابق (١/ ٤٤٣).
(^٥) الموافقات، مرجع سابق (٣/ ٣٣).
1 / 41