167

Fikrat al-Ifriqiyya al-Āsiyawiyya

فكرة الإفريقية الآسيوية

Editor

(إشراف ندوة مالك بن نبي)

Publisher

دار الفكر

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

دمشق سورية

Genres

فكرة الأفرسيَوية وَالتَّعَايش
لقد رفعت الحضارة الغربية طاقة الإنسان إلى مستوى غير مألوف، وعندما وصلت هذه الطاقة إلى درجتها تلك، قلبت كل حقائق التاريخ، وأدخلت فيه عنصر قوة يطبعه بطابع الشمول، وبذا وجدت الشعوب جميعًا نفسها وكأنما تقلها سفينة واحدة إلى مصير واحد فهي تشعر شيئًا فشيئًا بفضل التطورات الصناعية الحديثة، خاصة في الميدان الذري، بأن عليها أن تجتاز مجتمعة بعض المراحل الحاسمة، وأن تعالج مشتركة بعض المشكلات الجوهرية وهكذا نرى أن عهد تحلل المادة يتفق مع عهد التجمع الإنساني، إذ لم تعد هنالك جزيرة الفردوس التي يمكن للإنسان أن يعيش فيها منعزلًا عن تيارات الأحداث. لقد صنعت الحضارة الغربية عالمًا يترابط الناس فيه ويتعارفون على الخير وعلى الشر، وقد يؤثر عامل القوة في كلا الاتجاهين دون تمييز كأنه قوة عمياء لم يتحدد توجيهها. بينما غذى أثرها خيال الأجيال في العالم منذ عهد جولس فيرن (Jules Verne) إلى عهد ولس (Welles) مقدمًا لأسلوب القصص العلمي مادة لا تنفد من التصور والإلهام في الوقت الذي كان يسجل في الأنفس نتائجه المتناقضة.
وهو بقلبه للأوضاع التي سبق أن خلقها، لم يكف عن أن ينمي في تاريخ القرن العشرين عجيبته الهائلة، حيث أوجد فيه جميع عناصر الأزمة النفسية والزمنية الراهنة في الوقت الذي يفرض فيه جميع ظروف حلها.
وإنما ترجع هذه الغرابة إلى أن عنصر القوة- حين يحقق نتائجه على المحورين في وقت واحد، ينشئ بينهما أفعالًا وردود أفعال متبادلة تتسجل في تطور العالم الراهن كأثر مباشر وأثر مضاد ناتجين عن تلك الحضارة.

1 / 177