Thawrat Shicr Hadith
ثورة الشعر الحديث من بودلير إلى العصر الحاضر (الجزء الأول) : الدراسة
Genres
أن يتمرغ الإنسان في جراحه، في الهواء وفي البحر، في ألوان التعذيب، في صمت المياه والرياح القاتلة؛ في أشكال العذاب التي تضحك بصمتها الأجوف المخيف.
ويبدو من عنوان القصيدة كأنها تشير إلى حالة نفسية محدودة. غير أن قراءتها تبين أن هذه الحالة لا وجود لها. فالقلق فقد وجهه المألوف. بل إن القارئ ليسأل نفسه: أهذا القلق موجود؟ إنه يشعر بعاطفة شديدة غير محددة، يختلط فيها الرجاء والاندحار والفرح والسخرية والسؤال - القصيدة تقول ما تقوله على عجل ولا تلبث أن تعبره إلى شيء جديد - حتى تصب الكلمات في الجراح والعذاب والتعذيب والصمت - دون أن يدري الإنسان من أين جاءت هذه الكلمات أو ماذا تعنيه، إنما هو خليط من الصور والانفعالات غير المحددة - مثلها في ذلك مثل الكائنين الأنثويين اللذين تشير إليهما القصيدة إشارة عابرة. قد يكون الانفعال كله نوعا من القلق، ولكنه انفعال تحرر من الإطار المألوف الذي يضم معالم الحياة الشعورية، بحيث لا نستطيع أن نسميه باسم بشري مألوف كالقلق.
وليس أدل على طرح النزعة البشرية من أن رامبو يظهر الناس إذا جاء ذكرهم في شعره في صورة ممسوخة أو في صورة مخلوقات غريبة مجهولة الأصل. وإذا ذكرت بعض أعضاء الجسد وجدنا علاقتها بالجسد في مجموعه علاقة شاذة غير مألوفة. إنه يركز الضوء على هذه الأعضاء بمفردها، ويثقل وصفه لها باصطلاحات من علم التشريح تزيدها موضوعية. ونستطيع أن نضرب مثلا لما نقول بقصيدة هادئة مثل قصيدة «النائم في الوادي» (أكتوبر سنة 1870م) التي تنطوي على سخرية هادئة بالحرب التي اشتعلت في سنة 1870م بين الفرنسيين والبروسيين. ولنقرأ القصيدة أولا قبل أن نشرع في تحليلها:
في ثغرة من الخضرة، حيث يطوف نهر
بغنائه المجنون حول أهداب الأعشاب، (ثغرة) من الفضة ، تضيئها الشمس المتكبرة من جانب الجبل؛
هنالك واد صغير، يفور بالأشعة.
جندي شاب، فمه مفتوح ورأسه عارية،
رقبته تستحم في الفجل الصغير
6
الطازج الأزرق،
Unknown page