ضحكت كما تضحك لنكتة، فعاد مصطفى يقول: ما دامت الفناطيس بحالة جيدة، والحبال والسلاسل متينة، وعم عبده ساهرا، والجوزة عامرة؛ فلا هم لنا. - كلام لا يدخل العقل. - لماذا؟
تفكرت قليلا، ثم تراجعت قائلة: لن أستدرج للهاوية، كلا، لن أسمح لنفسي بأن أكون ثقيلة الدم كتمثيلية هادفة.
فقال علي السيد: لا تصدقي كلام مصطفى حرفيا، لسنا أنانيين بالدرجة التي صورها، ولكننا نرى أن السفينة تسير دون حاجة إلى رأينا أو معاونتنا، وأن التفكير بعد ذلك لن يجدي شيئا، وربما جر وراءه الكدر وضغط الدم.
ضغط الدم، كالصنف المغشوش، وطالب الطب يمرض بالوهم أول عهده بالمدرسة، والمدير العام نفسه ليس أسوأ من المشرحة. أول يوم في المشرحة كأول تجربة للموت في أعز ما ملكت. وهذه الزائرة مثيرة من قبل أن تتكلم؛ جميلة ورائحتها حلوة. والليل أكذوبة بما هو نهار سلبي، وعندما يطلع الفجر تخرس الألسنة، ولكن ما الشيء الذي تود تذكره طيلة الجلسة دون جدوى؟
وقال خالد عزوز مخاطبا سمارة: قلمك ذو استعداد أدبي. - لكنه لم يجرب بعد. - لا شك أن لديك خطة؟ - على أي حال إني مغرمة بالمسرح.
فسأل رجب محتجا: والسينما؟ - إنها بعيدة عن طموحي.
فقال رجب: ما المسرح إلا كلام!
فقال مصطفى راشد باسما: كعوامتنا سواء بسواء.
فقالت باهتمام: العكس هو الصحيح؛ المسرح تركيز، وكل كلمة فيه يجب أن يكون لها معنى. - وهذا هو الفارق الجوهري بينه وبين عوامتنا.
وتلاقت عيناها بعيني أنيس وهو يدير الجوزة، فكأنها اكتشفته وقالت له: لم لا تتكلم؟
Unknown page