Thalathat Rijal Wa Imraa
ثلاثة رجال وامرأة
Genres
ولما بلغوا البيت تركت السيارة ومن فيها وذهبت تعدو إلى أمها حتى إذا لقيتها صاحت بها وجدته، وجدته.
فقالت لها أمها: وجدته؟! من عسى أن يكون هذا؟!
وكان لها عذرها إذا لم تفهم؛ فما كانت اطلعت على الغيب، فقالت سميرة: ومن عسى أن يكون سواه؟!
قالت الأم: حلمك، إن الله مع الصابرين، ألا تقولين ...
قالت سميرة: صابرين؟! أهذا وقت الصبر وهو مكسور في السيارة؟!
فضحكت الأم وقالت: وجدته! وليس هذا وقت الصبر! لأنه مكسور في السيارة! ومع ذلك تتركه وتجيء تتكلم بما لا يفهم! طيب.
ونهضت الأم ودعت الخدم وأمرتهم أن يحملوا «المكسور» وأمرت وصيفتها أن تعد له غرفة، وقصدت هي إلى التليفون فدعت طبيبا.
وكان محمود لا يزال فيما يشبه الغيبوبة، من الألم الحاد، والذهول، واعتلاج العواطف في صدره الذي صار كالخضم، فكان ينظر ولا يكاد يدرك ما يجري حوله وما يصنع به، ولكنه كالمدار به، لا قدرة له على قول أو عمل.
ورأته الأم فابتسمت وهزت رأسها، وقالت لنفسها: ما أقل غناء التدبير !
وقال لها نسيم: يا سيدتي، كوني منصفة، ألا أستحق على الأقل فنجانا من القهوة، ودعي الشكر، وإن كنت أهلا له، وليست هذه ساعته على كل حال؛ على أني بذكائي المعهود، وفراستي التي لا أظنك إلا معترفة بأنها صادقة، أرى أني سأكون أهلا لشكر أعظم، في أوانه، وما أرى أوانه إلا قريبا، إي نعم.
Unknown page