Tazkiyat an-Nafs
تزكية النفوس
Publisher
دار العقيدة للتراث
Publisher Location
الإسكندرية
Genres
أضرار حب الدنيا
حب الدنيا هو الذى عمّر النار بأهلها، الزهد فى الدنيا هو الذى عمّر الجنة بأهلها، والسكر بحب الدنيا أعظم من السكر بالخمر، فصاحبه لا ييق إلا فى ظلمة اللحد.
قال يحيى بن معاذ: " الدنيا خمر الشيطان، من سكر منها فلا يفيق إلا فى عسكر الموتى نادمًا بين الخاسرين "، وأقل ما فيها أنه يلهى عن حب الله وذكره، ومن ألهاه ماله فهو من الخاسرين، وإذا لهى القلب عن ذكر الله سكنه الشيطان، وصرفه حيث أراد ... ومن فقهه فى الشر أن يرضيه ببعض أعمال الخير ليريه أنه يفعل الخير.
ويقول ابن مسعود ﵁: " ماأصبح أحد فى الدنيا إلا ضيف وماله عارية، فالضيف مرتحل والعارية مؤداة ".
قالوا: وإنما كان حب الدنيا رأس الخطايا، ومفسدًا للدين من وجوه:
أحدها: أن حبها يقتضى تعظيمها وهى حقيرة عند الله، ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقّر الله.
ثانيها: أن الله لعنها، ومقتها، وأبغضها، إلا ما كان له فيها، ومن أحب ما لعنه الله ومقته وأبغضه فقد تعرض للفتنة، ومقته وغضبه.
وثالثها: أنه إذا أحبها صيّرها غايته، وتوسل إليها بالأعمال التى جعلها الله وسائل إليه وإلى الدار الآخرة، فعكس الأمر وقلب الحكمة، فها هنا أمران: أحدهما: جعل الوسيلة غاية، والثانى: التوسل بأعمال الآخرة إلى الدنيا، وهذا شر معكوس من كل وجه، وقلب منكوس غاية
1 / 62