126

فخرج عليه السلام حتى أتى الناس فاستنصتهم فأبوا أن ينصتوا حتى قال لهم: ويلكم ما عليكم أن تنصتوا إلي فاستمعوا قولي، فإني إنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لأمري غير مستمع قولي، فقد انخزلت عطياتكم من الحرام، ومليت بطونكم من الحرام، فطبع على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون، ألا تستمعون، فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم، وقالوا: انصتوا له فأنصتوا.

فقام الحسين عليه السلام فيهم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال تبا لكم أيتها الجماعة وترحا، أفحين استصرختمونا ولهين متحيرين فأصرخناكم موجزين مستعدين، فسللتم علينا سيفا في أرقابنا، وحششتم علينا نار الفتن خباها عدوكم وعدونا فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا عليهم لأعدائكم، لغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم إلا الحرام من الدنيا أنالوكم، وخسيس عيش طمعتم فيه من غير حدث كان منا ولا رأي تفيل، فهلا -لكم الويلات- تجهمتمونا والسيف لم يشهر، والجأش طامن، والرأي لم يستخف، ولكن أسرعتم إلينا كطيرة الذباب، وتداعيتم كتداعي الفراش.

Page 168