Taysir Matalib
تيسير المطالب في أمالي أبي طالب
Genres
كتبت إليك كتابي هذا إن بقيت أو فنيت، أوصيك بتقوى الله، ولزوم أمره، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله، فإن الله يقول:{واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}[آل عمران:103]، وأي سبب أوثق من سبب يكون بينك وبين الله تعالى، فأحي قلبك بالموعظة، ونوره بالحكمة، ومرنه على الزهد، وقوه باليقين، وذلله بالموت، وقرره بالفنى، وبصره فجائع الدنيا، وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الأيام والليالي، وأعرض عليه أخبار الماضين، وذكره بما أصاب من قبلك، وسر في ديارهم وآثارهم، وانظر فيما فعلوا، وأين حلوا، وعما انقلبوا، فإنك تجدهم انتقلوا عن الأحبة، ونزلوا دار الغربة، فكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم فأصلح مثواك ولا تبع آخرتك بدنياك، ودع القول فيما لا تعرف، والنظر فيما لم تكلف، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته؛ فإن الوقوف عن حيرة الطريق خير من ركوب الأهوال، وأمر بالمعروف وكن من أهله، وانكر المنكر بلسانك ويدك، وباين من فعله بجهدك، وجاهد في الله حق جهاده، ولا تأخذك في الله لومة لائم.
Page 143