Al-Taysīr bi-sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaghīr
التيسير بشرح الجامع الصغير
Publisher
مكتبة الإمام الشافعي
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م
Publisher Location
الرياض
علمت) يَا عَمْرو بن الْعَاصِ الَّذِي جَاءَ ليبايعنا بِشَرْط الْمَغْفِرَة (أَن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله) من الْكفْر والمعاصي أَي يسْقطهُ ويمحو أَثَره (وَأَن الْهِجْرَة) من أَرض الْكفْر إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام (تهدم) تمحو (مَا كَانَ قبلهَا) من الْخَطَايَا الْمُتَعَلّقَة بِحَق الْحق لَا الْخلق (وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله) الحكم فِيهِ كَالَّذي قبله لَكِن جَاءَ فِي خبر أَنه يكفر حَتَّى التَّبعَات وَأخذ بِهِ جمع (م عَن عَمْرو بن الْعَاصِ
(أما أَنكُمْ) أَيهَا النَّاس الَّذين قعدتم عِنْد مصلانا تضحكون (لَو أَكثرْتُم ذكرهَا ذمّ اللَّذَّات) قاطعها (لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أرى) من الضحك (الْمَوْت) بجرّه عطف بَيَان وَرَفعه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف ونصبه بِتَقْدِير أَعنِي (فَأَكْثرُوا) من (ذكرهَا ذمّ اللَّذَّات الْمَوْت فَإِنَّهُ لم يَأْتِي على الْقَبْر يَوْم إِلَّا تكلم فِيهِ) بِلِسَان الْحَال أَو بِلِسَان الْمقَال وَالَّذِي خلق الْكَلَام فِي لِسَان الْإِنْسَان قَادر عل خلقه فِي الجماد وَلَا يلْزم مِنْهُ سَمَاعنَا لَهُ (فَيَقُول أَنا بَيت الغربة) فَالَّذِي يسكنني غَرِيب (وَأَنا بَيت الْوحدَة) فَمن حل بِي وحيد (وَأَنا بَيت التُّرَاب وَأَنا بَيت الدُّود) فَمن ضمنه أكله التُّرَاب والدود إِلَّا من اسْتثْنى مِمَّن نَص على أَنه لَا يبْلى وَلَا يدود فِي قَبره فَالْمُرَاد بَيت من شَأْنه ذَلِك (فَإِذا دفن العَبْد الْمُؤمن) أَي الْمُطِيع كَمَا يدل عَلَيْهِ ذكر الْفَاجِر وَالْكَافِر فِي مُقَابِله (قَالَ لَهُ الْقَبْر مرْحَبًا وَأهلا) أَي وجدت مَكَانا رحبا وَوجدت أَهلا من الْعَمَل الصَّالح فَلَا يُنَافِي مَا مرّ (أما) بِالتَّخْفِيفِ (إِن كنت لأحب من يمشي على ظهر الأَرْض إليّ) لكونك مُطيعًا لِرَبِّك (فَإذْ) أَي حِين (وليتك) أَي استوليت عَلَيْك (الْيَوْم وصرت إليّ) أَي صرت إليّ واليتك والوا وَلَا ترَتّب وَكَذَا يُقَال فِيمَا يَأْتِي (فسترى صنيعي بك) فَإِنِّي محسنة جدّا وَقَضِيَّة السِّين أنّ ذَلِك يتَأَخَّر عَن الدّفن زَمنا (فيتسع لَهُ مدّ بَصَره) أَي بِقدر مَا يمتدّ إِلَيْهِ بَصَره وَلَا يُنَافِي رِوَايَة سبعين ذِرَاعا لأنّ المُرَاد بهَا التكثير لَا التَّحْدِيد (وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة) تفتحه الْمَلَائِكَة بِإِذن إلهيّ أَو ينفتح بِنَفسِهِ بأَمْره تَعَالَى ليَأْتِيه من روحها وريحها وَينظر إِلَى نعيمها وحورها فيأنس وَيَزُول عَنهُ كرب الغربة والوحدة (وَإِذا دفن العَبْد الْفَاجِر) الْمُؤمن الْفَاسِق (أَو الْكَافِر) بِأَيّ كفر كَانَ (قَالَ لَهُ الْقَبْر لَا مرْحَبًا وَلَا أَهلا أما أَن كنت لأبغض من يمشي على ظهر الأَرْض إليّ فَإذْ) أَي حِين (وليتك الْيَوْم وصرت إليّ فسترى صنيعي بك) فِي التَّنْفِيس مَا مرّ (فيلتئم) يَنْضَم (عَلَيْهِ حَتَّى يلتقي عَلَيْهِ) بشدّة وعنف (وتختلف أضلاعه) من شدّة الضغطة (ويقيض لَهُ سَبْعُونَ تنينا) أَي ثعبانا (لَو أنّ وَاحِدًا مِنْهَا نفخ فِي الأَرْض) أَي على ظهرهَا بَين النَّاس (مَا أنبتت شيأ) من النَّبَات (مَا بقيت الدُّنْيَا) أَو مدّة بَقَائِهَا (فينهشنه) بشين مُعْجمَة وَقد تهمل (ويخدشنه) يجرحنه (حَتَّى يُفْضِي بِهِ إِلَى الْحساب) أَي حَتَّى يصل إِلَى يَوْم الْحساب وَهُوَ الْقِيَامَة فعذاب الْقَبْر غير مُنْقَطع (إِنَّمَا الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة) حَقِيقَة لما يتحف بِهِ الْمُؤمن من الريحان وأزهار الْجنان أَو مجَازًا عَن الْأَمْن والراحة وَالسعَة (أَو حُفْرَة من حفر النَّار) كَذَلِك وَفِيه أَن الْمُؤمن الْكَامِل لَا يضغط فِي قَبره لَكِن فِي حَدِيث آخر خِلَافه وَأَن عَذَاب الْقَبْر يكون للْكَافِرِ أَيْضا وَأَن عَذَاب البرزخ غير مُنْقَطع وَفِي كثير من الْأَخْبَار والْآثَار مَا يدل على انْقِطَاعه وَقد يجمع باخْتلَاف ذَلِك باخْتلَاف الْأَمْوَات (ت عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَحسنه
(أما) بِالتَّشْدِيدِ وَكَذَا مَا بعده (أَنا فَلَا آكل مُتكئا) مُتَمَكنًا مُعْتَمدًا على وطاء تحتي أَو مائلا إِلَى أحد شقي فَيكْرَه الْأكل حَال الاتكاء تَنْزِيها لَا تَحْرِيمًا (ت عَن أبي جُحَيْفَة) بجيم ثمَّ حاء السوَائِي
(أما أهل النَّار الَّذين هم أَهلهَا) أَي المختصون بالخلود فِيهَا (فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا) موتا يريحهم (وَلَا يحيون) حَيَاة
1 / 230