138

Taysir Bayan

تيسير البيان لأحكام القرآن

Publisher

دار النوادر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

سوريا

Genres

القول في القرائن اعلموا -أَرْشَدَكُمُ اللهُ الكَريمُ وإيَّايَ- أَن القرائِنَ المُحْتَفةَ بالكَلام- منْ قَضايا الأحوالِ وموارِدِ الخِطاب ومقاصِدِ الأقوالِ - تَصرِف الألفاظَ عن حَقائقِها المَوضوعَةِ لها. ويكونُ بَيِّنا عندَ مَنْ وقفَ على القَرائِنِ، مُشْكِلًا عندَ مَنْ جَهِلَها. ولو نُقِلَتِ القَرائِنُ بأجْمَعِها، لَتوارَدَتِ الأَفْهامُ على كثيرِ من مَعاني خِطابِ الله تعالى، وخطابِ رسوله ﷺ، لكنْ بينَها ما لم يُمْكِنْ نقلُه عندَ نَقْلِ الخبر، ومنها ما يَتْرُكُه الرَّاوي اخْتِصارًا، ومنْها ما لم يسمعْه؛ بأنْ يأتيَ في حالِ سَماعِ الحَديثِ، ولمْ يعلمْ سبَبَ الحَديث، وغيرُ ذلكَ منَ الأمور. وقَصْدُ المُتكلمِ من أقوى القرائنِ التي يَقِلُّ نَقْلُها، وَيْكثُرُ خَفاؤها، معَ كثرةِ لُزومها للخطابِ الذي لم يردْ على سبَبٍ، وسأذكرُ من ذلكَ جملةً نافعةً لتعلموها، وتنتفعوا بها إن شاء الله تعالى. قال اللهُ ﵎: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٥]. فهذا حَصْرٌ بالنَّفْيِ والإثباتِ، فقالَ -من لمْ يعلمْ بالقرينةِ، ولم يطلِعْ على القَصْدِ-: بتَحْليل ما عَدا المذكورَ المَحْصورَ، واعتقدَ أن الآية سيقت للحَصْرِ في المُحَرَّمات، وليسَ كذلكَ، بلْ قصدُ اللهِ ﷾ بهذهِ

1 / 98