200

Taysir

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

Investigator

زهير الشاويش

Publisher

المكتب الاسلامي،بيروت

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

Publisher Location

دمشق

وفي رواية أنه طلب من النبي ﷺ أن يدعو له، فدل الحديث على أنه ﷺ شفع له بدعائه، وأن النبي ﷺ أمره هو أن يدعو الله ويسأله قبول شفاعته، فهذا من أعظم الأدلة على أن دعاء غير الله شرك، لأن النبي ﷺ أمره أن يسأل قبول شفاعته، فدل على أن النبي ﷺ لا يدعى. ولأنه ﷺ لم يقدر على شفائه إلا بدعاء الله له. فأين هذا من تلك الطوام، والكلام إنما هو في سؤال الغائب أو سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، أما أن تأتي شخصًا يخاطبك فتسأله أن يدعو لك فلا إنكار في ذلك على ما في حديث الأعمى، فالحديث سواء كان صحيحًا أو لا، وسواء ثبت قوله فيه: يا محمد أو لا، لا يدل على سؤال الغائب، ولا على سؤال المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله بوجه من وجوه الدلالات. ومن ادعى ذلك، فهو مفتر على الله وعلى رسوله ﷺ؛ لأنه إن كان سأل النبي ﷺ نفسه، فهو لم يسأل منه إلا ما يقدر عليه، وهو أن يدعو له، وهذا لا إنكار فيه وإن كان توجه به من غير سؤال منه نفسه، فهو لم يسأل منه، وإنما سأل من الله به، سواء كان متوجهًا بدعائه، كما هو نص أول الحديث وهو الصحيح، أو كان متوجهًا بذاته على قول ضعيف، فإن التوجه بذوات المخلوقين، والإقسام بهم على الله بدعة منكرة، لم تأت عن النبي ﷺ ولا عن أحد من أصحابه، والتابعين لهم بإحسان، ولا الأئمة الأربعة ونحوهم من أئمة الدين. قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به. وقال أبو يوسف: أكره بحق فلان وبحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت، والمشعر الحرام. وقال القدوري: المسألة بحق المخلوق لا تجوز، فلا يقول: أسألك بفلان أو بملائكتك أو أنبيائك ونحو ذلك، لأنه لا حق للمخلوق على الخالق، واختاره العز بن عبد السلام، إلا في حق النبي ﷺ خاصة إن ثبت الحديث، يشير إلى حديث الأعمى، وقد تقدم أنه على تقدير ثبوته ليس فيه إلا أنه توسل بدعائه لا بذاته.

1 / 202