فاق أغصان النقا ورقا
ما قضيب لف في ورق ... كقضيب زانه الهيف
كم محب نال ما طلبا
وفضى من وصله الأربا
وأنا حظي غدا عجبا
ما سعيد في الهوى كشقي ... وحظوظ الناس تختلف
ومهاة تشبه القمرا
جفنها للناس قد سحرا
لست أنسى قولها سحرا
قد نشب خلخالي في حلقي ... ولباسي جارنا خطفو
-٤١-
ومن ذلك موشحة لابن زهر، وهي:
سلم الأمر للقضا ... فهو للنفس انفع
واغتنم حين أقبلا
وجه بدر تهللا
لا تقل بالهموم لا
كل ما فات وانقضى ... ليس بالحزن يرجع
فاصطبح بابنة الكروم
من يدي شادن رخيم
حين يفتر عن نظيم
ضوء برق قد أومضا ... أو رحيق مشعشع
أنا أفديه من رشا
أهيف القد والحشا
سقي الحسن فانتشى
مذ تولى وأعرضا ... ففؤادي يقطع
من لصب غدا مشوق
ظل في دمعه غريق
حين أموا حمى العقيق
واستقلوا بذي الغضا ... أسفي يوم ودعوا
ما ترى حين أظعنا
وسعى الركب موهنا
واكتسى الليل بالسنا
نورهم ذا الذي أضا ... أم مع الركب يوشع؟
-٤٢-
راق لي هذا الوشي المحبوك، وأعجبني هذا الذهب المسبوك، فأردت ان أقفو أثره، وأقطف زهره، وأجني ثمره، فقلت، وبالله التوفيق:
كل من عاند القضا ... بئس ما بات يصنع
فتجلد على الجوى
وتصبر على النوى
واحتمل ذلة الهوى
فالسرور الذي انقضى ... عنك لابد يرجع
زاد في اللوم عاذلي
جائرا غير عادل
ولو الصبر عاد لي
لم أكن عنه معرضا ... وإذا قال أسمع
زمن لم يواتني
فاتني فيه فاتني
لحياتي مماتني
وفؤادي قد ارتضى ... بالذي فيه يودع
انجلت ظلمة الدجى
بعد ما كان قد سجا
قلت لما تبلجا
أومض البرق أو مضى ... ثغره وهو يلمع
مخطف الخصر أهيف
فوقه الورق تهتف
بين جفنيه مرهف
إن قضى بالردى قضى ... ليس للقلب مدفع
ومهاةٍ بدا لها
عاذلي فاستمالها
كيف أنسى مقالها
جر سيدي ولا تضا ... رب فللسقف بارفعو
-٤٣-
وراق لي هذا الوزن العذب، ورونقه الذي يفوق صقال العضب، فآثرت الازدياد من كيله، والسير في نهاره وليله، فقلت، مستعينا بالله:
نزلوا في طويلع ... حين ساروا وودعوا
عرب أنكروا الوفا
وثناهم عن الصفا
كدر الصدر والجفا
زاد فيهم تولعي ... والعدى لي توجعوا
لي حبيب حكى الرشا
أخذ القلب في الوشا
وحشا النار في الحشا
جمرها بين أضلعي ... وبخديه تسطع
حرت في وصف كنهه
وطلابي لشبهه
وعلى حسن وجهه
للجمال المنوع ... سكة البدر تطبع
سالف سال في لهب
فهو من أعجب العجب
كيف ما شئته انقلب
عقرب تحت برقع ... في حشا الصب تلسع
غادة أصل فتنتي
راعها شيب لمتي
ثم قالت لمحنتي
لي صغير وما يعي ... قم معي تاتفزعو
-٤٤-
ومن ذلك موشحة لبعض المغاربة، وهي:
همت الأزهار بالضحك ... فرحا بأدمع الديم
هاتها نارا تروق وما
ألبست ثوب الدجى علما
وكأن الجو قد نظما
حولها من أنجم الفلك ... شبها من ثغر مبتسم
أيما تبر وصهباء
جمعا من كف عذراء
ضمنا من نسج صنعاء
غصن يهتز في فنك ... مثمر بالنور والظلم
إنما روض المنى الزاهر
حيث يمضي المرهف الباتر
من سطا الملك أبي الطاهر
دره الله من ملك ... جامع للسيف والقلم
أسد تحميه أسد شرى
زحفت أجناده زمرا
وكأن الأنجم الزهرا
نزلت للأرض في سكك ... ومشى بهرام بالعلم
الصبا روح وقد نفحا
هب في أحشائه البرحا
فشدا كل به فرحا
هكذا يجلى دجى الحلك ... بهلال منك في اللثم
-٤٥-
1 / 18