127

Tawjih Nazar

توجيه النظر إلى أصول الأثر

Investigator

عبد الفتاح أبو غدة

Publisher

مكتبة المطبوعات الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1416 AH

Publisher Location

حلب

قوم فَهِيَ قريبَة فِي نظر آخَرين مِمَّن خبروا أَحْوَال النَّاس ودققوا النّظر فِي أَمر الْحَوَادِث وَأَكْثرُوا من النّظر فِي التَّارِيخ وَبَحَثُوا عَن أَسبَاب الْمسَائِل وعللها ليقفوا على حقائقها ودقائقها وَهنا أَمر يَنْبَغِي التنبه لَهُ وَهُوَ أَن الْيَهُود فِي ذَلِك الْعَصْر لم يَكُونُوا مستبدين بأمرهم بل كَانُوا تَحت حكم مُلُوك الرّوم وَكَانَ ملك الرّوم حِينَئِذٍ طيباريوس وَهُوَ الَّذِي بنيت فِي عَهده مَدِينَة طبرية ونسبت إِلَيْهِ وَكَانَ الْوَالِي عَلَيْهِم من قبله بيلاطوس قَالَ سعيد بن البطريق فِي نظم الْجَوْهَر وَملك طيباريوس قَيْصر برومية وللمسيح خمس عشرَة سنة وَكَانَ لقيصر هَذَا صديق يُقَال لَهُ بلاطس من قَرْيَة على شط البنطس وَلذَلِك يُسمى بلاطس البنطي فولاه على أَرض يهوذا قَالَ وَفِي خمس عشرَة سنة من ملك طيباريوس هَذَا ظهر يحيى بن زَكَرِيَّا المعمداني فَعمد الْيَهُود فِي الْأُرْدُن ولسيدنا الْمَسِيح ثَلَاثُونَ سنة ثمَّ قَالَ وَكتب بلاطس إِلَى طيباريوس الْملك بِخَبَر سيدنَا الْمَسِيح وَمَا تَفْعَلهُ تلاميذه من الْعَجَائِب الْكَثِيرَة من إِبْرَاء المرضى وإحياء الْمَوْتَى فَأَرَادَ أَن يُؤمن بسيدنا الْمَسِيح وَيظْهر دين النَّصْرَانِيَّة فَلم يُتَابِعه أَصْحَابه على ذَلِك وَملك اثْنَيْنِ وَعشْرين سنة وَسِتَّة أشهر وبيلاطوس الْمَذْكُور هُوَ الَّذِي ادّعى رُؤُوس الْيَهُود عِنْده أَن الْمَسِيح ﵇ كَانَ يضل شِعْبهمْ وَيَدعِي بِأَنَّهُ هُوَ الْمَسِيح ملك الْيَهُود وَأَنه كَانَ يمْنَع النَّاس من أَدَاء الْجِزْيَة لقيصر وطلبوا مِنْهُ أَن يصلبه وَإِنَّمَا لم يتولوا هم المر بِأَنْفسِهِم لأسباب الأول انه لم يكن يسوغ أَن يقتلُوا أحدا مِمَّن حكمُوا عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ دون مُوَافقَة الرّوم وَمَا وَقع مِنْهُم مرَارًا من الْقيام على الْمَسِيح وَإِرَادَة رجمه فَإِنَّمَا ذَلِك من قبيل مَا يحصل أَحْيَانًا من حكام الرعايا حِين اشتداد غَضَبهَا وَكَثِيرًا مَا تتغاضى الْحُكَّام عَن ذَلِك إِذا لم تخش ضَرَرا مِنْهُ الثَّانِي أَنهم كَانُوا يخَافُونَ من الشّعب فَإِن كثيرين مِنْهُم كَانُوا يميلون إِلَى

1 / 166