وتغيرت صيغتها، تقول: إن الكرام أنتم، فلو قدم المرفوع لقلت: إن أنتم الكرام.
والثاني: أن إن حرف وهي أضعف من الفعل، فأعطيت أضعف أحواله وهو لزوم تقديم المنصوب، لأن الأصل في الفعل تقديم المرفوع.
وهكذا يتنبه ابن الخباز إلى ما عساه يدور في عقول الناس من أسئلة فيبرزها وبتولى الإجابة عنها، وهذا إن دل فإنما يدل على أن مؤلفه هذا تعليمي، حيث إن أسلوب التساؤل يستعمل كثيرًا لإفهام الطلاب وتثبيت المعلومات في أذهانهم.
١٣ - الإشارة إلى لغة العامة:
يعرض ابن الخباز كثيرًا إلى اللغة التي تجري على لسان العامة وذلك ليبين لنا مدى مطابقتها أو مخالفتها لقوانين اللغة الفصحى، وهذا يشعر بحسن نظره، وقوة ملاحظته، وسعة فكره، وتمكنه من اللغة، ومن أمثلة ذلك قوله في (باب ظرف المكان): وعندك جهة مبهمة، تقول: زيد عندك، وفي أي جهة كان من جهاتك جاز فيها ثلاث لغات: ضم العين، وفتحها، وكسرها، ولها حكمان تخالفهما العامة، الأول: أنها لا تجر بغير «من» وفي التنزيل ﴿قل كل من عند الله﴾ ولا تقول: جئت إلى عندك.
الثاني: أنها لا تصغر ويجري ذلك في لسان أهل الشام كثيرًا.
وقال في (الباب السابق): وإزاء وتلقاء بمعنى حذاء، يقال آزيته أي: حازيته، وهما متآزيان متحازيان، والعامة تقول: متوازيان.
وقال في (باب العدد) ومن المعرب من يسكن العين فيقول أحد عشر وهي لغة العامة، وذلك لكثرة المتحركات.
وقال في (باب التصغير) تقول في مرآة: مريئية بوزن مريعية، والعامة تقول: مرية وهو خطأ.
تلك بعض النصوص التي توضح لنا اهتمام ابن الخباز بدراسة لغة العامة، وبيان ما انطوى تحتها من أخطاء لغوية، أو نحوية، مما يدل على أنه لم يكن حابسًا عقله وفكره في نطاق ما خلفه السابقون، بل كان ﵀ مفكرًا مجددًا كثير البحث والنظر.
1 / 52