391

Al-Taʾwīlāt al-Najmiyya fī al-tafsīr al-ishārī al-ṣūfī

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Genres

[المائدة: 15]، وقال تعالى:

رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشآء من عباده

[غافر: 15]، { ومآ أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله } [آل عمران: 166]؛ أي: ببلائه وابتلائه لكم، { وليعلم المؤمنين } [آل عمران: 166]، { وليعلم الذين نافقوا } [آل عمران: 167]؛ أي: ليبتلي المؤمنين منه ببلاء حسن في بذل الروح والصبر والثبات على قدم الجهاد في سبيل الله، ويميزهم عن المنافقين، وليظهر نفاق الذين نافقوا بقعودهم عن القتال وحب الحياة واختيار الدنيا على الآخرة، وإظهار نفاقهم وكذبهم عند قولهم: { وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } [آل عمران: 167]؛ يدعون بألسنتهم أتباع المجاهدين في سبيل الله، وليس في قلوبهم شوق إلى الله ومحبته، ولا يتعرضون لتذر الروح شوقا إلى لقائه وطلبا لرضائه ولأنوار الإيمان، { والله أعلم بما يكتمون } [آل عمران: 167]؛ أي: أعلم منهم بما يكتمون في أنفسهم من صفات الكفر والنفاق، وبما جبلت عليه أنفسهم في أصل الخلقة وتخمير طينتهم التي من نتائج صفاتهم الذميمة وفساد اعتقادهم، { الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا } [آل عمران: 168] وافقونا بالنفاق وسوء الاعتقاد والقعود عن طريقة الحق، { ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت } [آل عمران: 168] موت القلوب الذين من خصائصه: النفاق، وسوء الأخلاق، وفساد الاعتقاد، { إن كنتم صادقين } [آل عمران: 168] في دعواكم أنكم مصيبون في نفاقكم، وإخوانكم مخطئون على بذل الروح في سبيل الله.

[3.169-173]

ثم أخبر عن حال من رزق الاستشهاد ومن قتل في الجهاد بقوله تعالى: { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا } [آل عمران: 169]، إشارة في الآية: إن أرباب القلوب الذين قتلوا أنفسهم بسيف الصدق في سبيل السير إلى الله تعالى، فلا تحسبن أهل الغفلة والبطالة إنهم أموات وما ماتت نفوسهم، { بل أحياء } [آل عمران: 169] قلوبهم، { عند ربهم } [آل عمران: 169] بنور جماله، كما قال تعالى:

أو من كان ميتا فأحيينه وجعلنا له نورا يمشي به

[الأنعام: 122]، { يرزقون } [آل عمران: 169]، من كؤوس تجلي الصفات ساقيهم شراب الشهود، { فرحين بمآ آتاهم الله من فضله } [آل عمران: 170]؛ أي: بما جذبتهم العناية الإلهية إلى عالم الوصول، { ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم } [آل عمران: 170]، من إخوان الصدق ومريديهم، { لم يلحقوا بهم من خلفهم } [آل عمران: 170]، وهو بعد في سلوك الطريق إلى الله تعالى، { ألا خوف عليهم } [آل عمران: 170] من الانقطاع في الطريق؛ لأنهم شاهدوا وعاينوا إن متابعيهم مجذوبون بجذبات الحق، وإنه لا انقطاع بها فيصلون إليهم، { ولا هم يحزنون } [آل عمران: 170]، على فوات الحياة النفسانية؛ لفوزهم بالحياة الربانية.

ثم أخبر عن الاستبشار بفضل الملك الغفار بقوله تعالى: { يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } [آل عمران: 171]، والإشارة في الآيات: إن الشهداء الذين استشهدوا في طلب الحق بسيف الصدق، يستبشرون عند فناء البشرية بنعمة من الله وهي البقاء ببقاء الإلوهية؛ لأنه قال تعالى: { بنعمة من الله } [آل عمران: 171] لا من الجنة وغيرها، { وفضل } [آل عمران: 171]؛ أي: إعطائهم هذه النعمة إنما كان بفضل منه لا بمجازاة أعمالهم على الحقيقة؛ لأن المجازاة إنما تكون بالأمثال والأضعاف، كقوله تعالى:

من جآء بالحسنة فله عشر أمثالها

[الأنعام: 160]، و

Unknown page