Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Genres
لا يعصون الله مآ أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
[التحريم: 6]، والثاني: إن الله تعالى من كمال فضله ورحمته مع الإنسان جعل همة الملائكة في الطاعة والتسبيح والتحميد مقصورة على استعداد المغفرة للإنسان، كما قال تعالى:
والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض
[الشورى: 5]، فلذلك أمرهم بالسجود لأجلهم وليستغفرا لهم { فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر } [البقرة: 34] أي: سجد الملائكة لأنهم خلقوا من نور، كما قال صلى الله عليه وسلم:
" خلقت الملائكة من نور "
والنور من شأنه الانقياد والطاعة، { إلا إبليس أبى } سجد وأبى لأنه خلق من النار والنار من شأنها الاستكبار وطلب العلو طبعا { وكان من الكفرين } [البقرة: 34]، لأنه ستر الحق على آدم عليه السلام ولهذا أيضا سمي إبليس؛ لأنه يلبس الحق وأصل الكفر الستر.
ثم أخبر عن تمام نعمته على آدم وكرمه في حقه بعد سجود الملائكة وطرد إبليس لأجله لقوله: { وقلنا يآءادم اسكن أنت وزوجك الجنة } [البقرة: 35]، والإشارة في تحقيق الآية أن فيها إشارات ومعاني منها: { يآءادم اسكن أنت وزوجك الجنة } [البقرة: 35] أي: بعد أن سجدت لك الملائكة ولعنت لأجلك إبليس جعلت الجنة مسكنك وجعلت منك زوجك ولتسكن إليها وتسكن معك في الجنة، فأسكنا في الجنة { وكلا منها } [البقرة: 35] أي: من أثمار أشجارها ونعمها وألوان أطعمها { رغدا حيث شئتما } [البقرة: 35]، فتمت نعمتي لديكما ووجبت طاعتي عليكما { ولا تقربا هذه الشجرة } [البقرة: 35]، تقربا التي وطاعة لي لتكونا من المطيعين لأمري ونهيي والموفين بعهدي، وإلا { فتكونا من الظلمين } [البقرة: 35]، فلما قبلتما قولي وما أوفيتما بعهدي وعصيتما أمري وظلمتما على أنفسكما، فهذا منكما من خصوصية الظلومية الجهولية ظلوم بأنه مظلم نفسه جهولا بأنه لا يعلم أن ظلمه عائد إلى نفسه، كما قال تعالى:
وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
[البقرة: 57].
ومنها: إشارة بأن أبحت لك يا آدم نعيم الجنة وما كان فيها، وما كان لك فيها حق لأنك ما عملت عملا تستحق به الجنة، فأعطني هذه الشجرة الواحدة منها وهي كلها لي وأنا خلقتها، فإن لم تعطينها وتطمع فيها أيضا، فاعلم
Unknown page