Tawil Zahiriyyat
تأويل الظاهريات: الحالة الراهنة للمنهج الظاهرياتي وتطبيقه في ظاهرة الدين
Genres
والظاهريات، كما تم تحليلها من قبل، هي الحركة الفلسفية المعاصرة الأكثر إحكاما التي استطاعت أن تقدم شيئا إيجابيا، ومع ذلك، محاولاتها ومشاريعها وآمالها ليست حكرا عليها؛ فهي حركة فلسفية مثل باقي الحركات التي حاولت نفس الشيء مع نفس الدرجة من النجاح، أكثر أو أقل؛ فهناك أوثان مشتركة يتم الصراع ضدها: الصورية نتيجة المثالية الترنسندنتالية، والتجريبية ميراث الاتجاه الحسي القديم، والنزعة النفسية، وخلط العصر الحاضر، وفي مواجهة هؤلاء الأعداد نشأت حركات مشابهة في مناطق مختلفة في الحضارة الأوروبية لنفس الأسباب، ولمناهضة نفس العيوب، ولها نفس الأغراض.
29
وكان للظاهريات نجاح أكبر من الحركات الأخرى؛ لأن مصادرها ممتدة في مختلف مناطق الحضارة، تنشأ من المثالية الترنسندنتالية، النقدية أو المطلقة، وهي اكتمال لها، كما أنها مرتبطة بالكوجيتو في العصر الحديث، والظاهريات تحقيق لمشروعها من «الكوجيتو» إلى «الكوجيتوتوم»، من «الأنا أفكر» إلى «الأنا المفكر فيه»، كما أنها تبدأ بالتجربة كما أرادت النزعة التجريبية القديمة.
30
والظاهريات هي آخر مكسب للوعي الأوروبي، وليست مستقلة عن المكاسب المعاصرة الأخرى التي لها نفس رسالة الظاهريات؛ فالمنهج المقارن ضروري من أجل تأطير الظاهريات في التاريخ المعاصر، وانفتاحها على كل العلوم المشابهة، وهو ما يفيد الظاهريات خاصة فيما يتعلق بالمصطلحات، وأثقلت اللغة المستعملة كأداة للتعبير بالميراث المنطقي الرياضي، وهو ما كان غريبا على اللغة الفلسفية، وفي مقابل ذلك لم يكن للفلسفات المعاصرة هذا القلق في اللغة الاصطلاحية بالرغم من أنها كانت تعبر عن نفس حدوس الظاهريات،
31
وما تجده الظاهريات صعبا في التعبير نجده فلسفة أخرى مشابهة أسهل في التعبير وبلغة أكثر سهولة ويسرا، وتحليل الزمان كوعي داخلي أو ديمومة، وتحليل بواعث الخبرة الذاتية المشتركة وتقدم الوعي، وتحليل المعطى الحي أو الخبرة الذاتية تتبع نفس المتطلبات ضد الاتجاهات المشتركة المعارضة، بالرغم من الاختلافات الجزئية بين الجوانب المتعددة للظواهر موضوع التحليل.
وتستطيع الفلسفات المعاصرة أن تساعد على فهم الظاهريات؛ لأنها استطاعت أن تتجنب إلى حد ما عيوب التعبير في الظاهريات؛ فالحدس في فلسفة الحدس أوضح من الحدس في الظاهريات، والخبرة في البرجماتية أكثر وضوحا من الخبرة في الظاهريات، كما تستطيع الظاهريات أن تساعد على فهم أفضل للفلسفات المعاصرة تستطيع أن تحول فلسفة الحدس أو فلسفة الخبرة إلى منهج، وتستطيع أن تخلصها من بقايا النزعات النفسية والأنثروبولوجية والسوسيولوجية؛ فالفهم المتبادل بين الظاهريات والفلسفات المعاصرة يساعد على فهم كل منهما بالآخر.
32 (10) من الحاجة إلى العمل، ومن العمل إلى الحاجة
33
Unknown page